معناه: الإيمان بكل ما أنزل الله من كتاب على وجه العموم والإجمال كما قال الله تعالى: لرسوله -صلى الله عليه وسلم-: {فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ} (الشورى: 15).
ثم من الإيمان بالكتب الإيمان بما سمى الله تعالى منها في القرآن الكريم على وجه الخصوص؛ فإن الله -سبحانه وتعالى- لم يسمِّ كل كتاب أنزله على المرسلين في القرآن الكريم، وإنما سمى بعضها وسكت عن أكثرها؛ فمن الإيمان بالكتب الإيمان بكلها على وجه العموم والإجمال، والإيمان بالبعض المسمى في القرآن على وجه الخصوص والتعيين. ومن الكتب التي سماها الله تعالى في القرآن: التوراة، والإنجيل، وزبور داود، وصحف إبراهيم وموسى قال تعالى: {الم * اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ * نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ * مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ} (آل عمران: 1 - 4)، وقال تعالى: {وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا} (النساء: 163)، وقال تعالى: {إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} (الأعلى: 18، 19).
ومن الجدير بالذكر أن أهل الكتاب قد غيروا كتبهم وحرفوها، وزادوا فيها ونقصوا منها، أخبرنا ذلك رب العالمين الذي أنزل تلك الكتب، وهو بكل شيء عليم قال تعالى: {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (البقرة: 75)، وقال سبحانه: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ} (البقرة: 79)، وإذا ثبت أن أهل الكتاب حرفوا كتبهم فلا يجوز الجزم بأن شيئًا فيها بعينه هو كلام الله -عز وجل.