وأن يقضوا به، وأن يحكموا به بين كل من يتحاكم إليهم، ولو كان غير مسلم. فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمره الله تعالى بالعدل بين اليهود لو تحاكموا إليه فقال عنهم: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أو أَعْرِضْ عَنْهُمْ وإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (المائدة: 42).

وعلى الدعاة إلى الله -سبحانه وتعالى- أن يتحلوا بالعدل بين الناس، وأن يحرصوا على إظهار هذا الخلق في تصرفاتهم، وأقوالهم، وأفعالهم، وحكمهم، وقضائهم، وأن يظهروه للناس حتى يعلم الجميع سماحة الدين، وإنصاف الإسلام، وعدالة الإسلام فيدخلوا فيه بإذن الله عز وجل، فالحذر كل الحذر من الجور، والظلم فإن الجور، والظلم سبب فناء الأمم بينما العدل من أعظم أسباب بقاء الأمم، وانتشار المحبة، والوئام فيها إن الدولة إنما تبقى بالعدل فإذا ظلمت أهلكها الله -سبحانه وتعالى- كما قال: {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا} (يونس: 13)، ولقد كان من دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا خرج من بيته قال: ((بسم الله، توكلت على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم إني أعوذ بك أن أذل أو أذل، أو أضل أو أضل، أو أظلم أو أظلم، أو أجهل أو يجهل علي)).

من الأخلاق التي يجب أن يتخلق بها الداعية: العفو

العفو لغة: مصدر من قولهم: عفا يعفو عفوًا، ومعناه: الترك، والطلب.

واصطلاحًا: قال المناوي: العفو القصد لتناول الشيء، والتجاوز عن الذنب، وقال الكفوي: العفو كف الضرر مع القدرة عليه، وكل من استحق عقوبة فتركها فهذا الترك عفو، وقال أيضًا: العفو عن الذنب يصح رجوعه إلى ترك ما يستحقه المذنب من العقوبة، وإلى محو الذنب، وإلى الإعراض عن المؤاخذة كما يُعرض المرء عما يسهل على النفس بذله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015