فيشترط لحصول المبتلى على أجر وثواب الصبر أن يصبر عند الصدمة الأولى متى قيل: حدث كذا مما يزعج الإنسان، ويفزعه، ويقلقه يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون كما يشترط لحصول الأجر، والثواب على الصبر أن يكون الصبر إيمانًا، واحتسابًا ابتغاء وجه الله -عز وجل- ولذلك قال الله تعالى لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: {وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ} (المدثر: 7) أي: اصبر، واجعل صبرك لله عز وجل، ومدح أولي الألباب بقوله: {وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وجْهِ رَبِّهِم}، فهؤلاء الذين يضاعف لهم الأجر، والثواب على المصيبة. فإن قيل: وهل يصبر الإنسان لغير الله فالجواب: نعم، ومما أثر عن بعضهم قوله:
وتجلدي للشامتين أريهم ... أني لريب الدهر لا أتضعضع
فهذا رجل يقول: أنه إذا نزلت به مصيبة تجلد، وصبر، وتصبر حتى لا يشمت به أعداؤه إذا رأوه فزعًا جزعًا من المصيبة فهو يصبر لا لله صبر، ولكن لم يكن صبره لله، ولكن صبره للشامتين حتى لا يشمتوا به فهذا لا أجر له، ولا ثواب أما الأجر، والثواب فلمن كان صبره ابتغاء وجه الله.
ولتيسير الصبر أسباب: الصبر شاق على النفس؛ لأن للصبر من اسمه نصيبا لكنه يسير على من يسره الله عليه، ولتيسير الصبر أسباب إذا قارنت حزمًا، وصادفت عزمًا هانت المصيبة، وسهل الصبر عليها بإذن الله تعالى من هذه الأسباب التي تيسر الصبر على المصيبة: العلم بالآيات، والأحاديث المتقدمة التي فيها مدح الصابرين، وبشارتهم، ووعدهم بالجزاء الحسن كلما قرأ الإنسان القرآن، وما فيه من فضل الصبر، وقرأ أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- وما فيها من فضل الصبر تصبر بإذن الله، ومنها