بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس التاسع عشر
(أهم الأخلاق التي يجب على الداعية أن يتخلق بها (3))
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، وأشهد ألا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد ًا عبده، ورسوله، أما بعد:
إن هذه الدنيا دار ابتلاء، واختبار، وامتحان أكد الله -سبحانه وتعالى- على ذلك في أكثر من آية فقال سبحانه: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} (محمد: 31)، وقال سبحانه: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ والْجُوعِ ونَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ والْأَنْفُسِ والثَّمَرَاتِ} (البقرة: 155). ثم بين -سبحانه وتعالى- ما يفعله المسلم عند وقوع البلاء فقال: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ ورَحْمَةٌ وأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} (البقرة: 155 - 157).
قال الشيخ السعدي رحمه الله: "أخبر -سبحانه وتعالى- أنه لا بد أن يبتلي عباده بالمحن؛ ليتبين الصادق من الكاذب، والجازع من الصابر، وهذه سنته تعالى في عباده؛ لأن السراء لو استمرت لأهل الإيمان، ولم يحصل معها محنة لحصل الاختلاط الذي هو فساد، وحكمة الله تعالى تقتضي تمييز أهل الخير من أهل الشر هذه هي فائدة المحن لا إزالة ما مع المؤمنين من الإيمان، ولا ردهم عن دينهم فما كان الله ليضيع إيمان المؤمنين؛ فأخبر -سبحانه وتعالى- في هذه الآية أنه سيبتلي عباده بشيء من الخوف أي: من الأعداء، والجوع، والتنكير في قوله: بشيء للتقليل أي: بشيء يسير من الخوف، ومن الجوع؛ لأنه -سبحانه وتعالى- بالمؤمنين رءوف رحيم، لو ابتلاهم بالخوف كله أو الجوع كله لهلكوا، والمحن تمحص لا تهلك، ونقص من الأموال، وهذا يشمل جميع النقص المعتري للأموال من جوائح سماوية، وتمزق، وضياع، واستيلاء الظلمة، وقطاع الطريق، وغير ذلك.
ونقص من الأنفس أي: ذهاب الأحباب من الأولاد، والأقارب، والأصحاب، ومن أنواع الأمراض في بدن العبد أو بدن من يحبه، ونقص من الثمرات أي: