فجاهد في سبيل الله، ولا تخش في الله لومة لائم، واصبر على ما تلقاه من الأذى، والاضطهاد كما، وصاك الله -عز وجل- فإن الله تعالى قد مدح لقمان الحكيم على وصيته ابنه بواجب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والصبر على الأذى فحكى الله -سبحانه وتعالى- وصية لقمان لابنه على سبيل المدح، والثناء الذي يدل على الرضا {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ} (لقمان: 17) اصبر على ما أصابك، وإياك، والفزع، وإياك، والجزع فتترك الدعوة، وتنعزل، وتقعد في بيتك وحيدًا، وتتخلى عن الطريق فإن الله -تبارك وتعالى- ذم من كانت هذه حاله فقال: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ * وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ} (العنكبوت: 10، 11).
فاصبر، واحتسب، وإليك هذه الصورة الرائعة من صور التضحية من أجل الدعوة إلى الله -عز وجل- كانت من شباب الدعوة في الذين مضوا من قبلنا، عن صهيب -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((كان ملك فيمن كان قبلكم، وكان له ساحر فلما كبر قال للملك: إني قد كبرت فابعث إلي غلامًا أعلمه السحر فبعث إليه غلاما يعلمه، وكان في طريقه إذا سلك راهب فقعد إليه، وسمع كلامه فأعجبه، وكان إذا أتى الساحر مر بالراهب، وقعد إليه فإذا أتى الساحر ضربه فشكا ذلك إلى الراهب فقال: إذا خشيت الساحر فقل: حبسني أهلي، وإذا خشيت أهلك فقل: حبسني الساحر فبينما هو على ذلك إذا أتى على دابة عظيمة قد حبست الناس، فقال: اليوم أعلم آلساحر أفضل أم الراهب أفضل؟ فأخذ حجرًا فقال: اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس فرماها فقتلها، ومضى الناس فأتى الراهب فأخبره، فقال له الراهب: أي بني أنت اليوم أفضل مني قد بلغ من أمرك ما أرى