ليربيهم الله تعالى، ويعلمهم كيف تقوى إرادتهم على المغريات، والأطماع، وكيف ينهضون بعهودهم حين تصطدم بهذه المغريات، والأطماع، ولم يصمت فريق من بني إسرائيل للابتلاء الذي كتبه الله عليهم بسبب ما تكرر قبل ذلك من فسوقهم، وانحرافهم فلقد جعلت الحيتان في يوم السبت تتراءى لهم على الساحل قريبة المأخذ سهلة الصيد فتفوتهم، وتفلت من أيديهم بسبب حرمة السبت التي قطعوها على أنفسهم؛ فإذا مضى السبت، وجاءتهم أيام الحل لم يجدوا الحيتان قريبة ظاهرة كما كانوا يجدونها يوم الحرم، فإذا جماعة منهم تهيج مطامعهم أمام هذا الإغراء فتتهاوى عزائمهم، وينسون عهدهم مع ربهم، وميثاقهم فيحتالون الحيل على طريقة اليهود للصيد في يوم السبت.

وقد روي في بيان هذه الحيلة التي احتالوا بها على الصيد في يوم السبت أنهم كانوا يقيمون الحواجز على السمك، ويحوطون عليه في يوم السبت حتى إذا جاء الأحد سارعوا إليه فجمعوه، وقالوا: إنهم لم يصطادوه في السبت فقد كان في الماء، وراء الحواجز غير مصاد، وهكذا راح فريق من سكان القرية يحتالون على السبت الذي حرم عليهم الصيد فيه، وراح فريق منهم آخر يرى ما يفعلونه من الاحتيال على الله فيحذر الفريق العاصي مغبة احتياله، وينكر عليه ما يزاوله من الاحتيال بينما مضى فريق ثالث يقول للآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر: ما فائدة ما تزاولونه مع هؤلاء العصاة، وهم لا يرجعون عن ما هم آخذون فيه، وقد كتب الله عليهم الهلاك، والعذاب: {وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا} (الأعراف: 164).

فلم تعد هناك جدوى من الوعظ لهم، ولم تعد هناك جدوى لتحذيرهم بعد ما كتب الله عليهم الهلاك أو العذاب الشديد بما اقترفوه من انتهاك الحرمات فقال الذين قاموا بواجب الدعوة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر قال الإيجابيون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015