قال الله -تبارك وتعالى- عنهم: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} (الأحزاب: 39).

يقول ابن كثير -رحمه الله- في تفسير هذه الآية: يمدح الله -تبارك وتعالى- الذين يبلغون رسالات الله أي: إلى خلقه، ويؤد ّ ونها بأماناتها، ويخشونه أي: يخافون الله - عز وجل - وحده، ولا يخافون أحد ًا سواه، فلا تمنعهم سطوة أحد عن إبلاغ رسالات الله تعالى {وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} أي: وكفى بالله ناصر ً اومعين ً ا، ثم يقول ابن كثير - رحمه الله -: وسيد الناس في هذا المقام، بل وفي كل مقام محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإنه قام بأداء الرسالة وإبلاغها إلى أهل المشارق والمغارب إلى جميع أنواع بني آدم، وأظهر الله تعالى كلمته ودينه وشرعه على جميع الأديان والشرائع؛ فإنه قد كان النبي قبله إنما ي ُ بعث إلى قومه خاصة، وأما هو -صلى الله عليه وسلم- فإنه ب ُ عث إلى جميع الخلق عربيهم وعجمهم كما قال تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} (الأعراف: 158). ثم ورث مقام البلاغ عنه أمته من بعده فكان أعلى من قام بها بعده أصحابه -رضي الله عنهم- بلغوا عنه، كما أمرهم به في جميع أقواله وأفعاله وأحواله في ليله ونهاره، وحضره وسفر، وسره وعلانيته، فرضي الله عنهم وأرضاهم ثم ورثه كل خلف عن سلفهم إلى زمننا هذا، فبنورهم يقتضي المقتدون، وعلى منهجهم يسلك الموفقون، فنسأل الله الكريم المنان أن يجعلنا من خلفهم بإحسان.

والشجاعة والإخلاص متلازمان؛ فكلما أخلص الداعية نيته، واحتسب عند الله جهده ودعوته كلما كان جريئًا على تبليغ دين الله عز وجل، يقول العلامة السعدي -رحمه الله-: الشجاعة خلق نفسي، ولكن له مواد تمدُّه منها الإخلاص لله -عز وجل- وعدم مراءاة الخلق، فإن المخلص الذي لا يريد إلا وجه الله وثوابه لا يُبالي بلوم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015