يستطع تجهيزهم للخروج معه، فعادوا يبكون حزن ً اعلى عدم قدرتهم على الخروج مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم، فرفع الله - تبارك وتعالى - عنهم الحرج، وأنزل فيه قوله: {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ} (التوبة: 92)، ف لما انتهى النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى تبوك قال للجيش الذي خرج معه: ((إن أقوامًا خلفنا بالمدينة ما سلكنا شعب ً اولا وادي ً اإلا وهم معنا، حبسهم العذر)).
إن النية الصادقة سج َّ لت لهم ثواب المجاهدين؛ لأنهم قعدوا راغمين، ولئن كانت النية الصالحة ت ُ ضفي على صاحبها هذا القبول الواسع، فإن النية المدخول ة تنضم إلى العمل الصالح في صورته؛ فيستحيل بها إلى معصية تستجلب الويل، كما قال الله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} (الماعون: 4 - 7).
إن الصلاة مع الرياء أمست جريمة، وبعدما فقدت روح الإخلاص باءت صورة ميتة لا خير فيها، وكذلك الزكاة إنها إن صدرت عن قلب يسخو لله -عز وجل - ويدخر عنده صدقته ق ُ بلت منه، وإلا فهي عمل باطل كما قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا} (البقرة: 264) إن القلب المقفرَّ من الإخلاص لا ي ُ نبت قبول ً اكالحجر المكسو ّ بالتراب لا ي ُ خرج زرع ً ا، والقشور الخادعة لا تغني عن اللباب الرديء شيئ ً األا ما أنفس الإخلاص، وأغزر بركته إنه ي ُ خالط القليل فينم ّي هـ حتى يزن الجبال، ويخلو منه الكثير؛ فلا يزن عند الله مثقال ذرة، فعلى طالب العلم أن ي ُ خلص نيته لله - تبارك وتعالى - وعلى كل داعية أن ي ُ خلص نيته لله تبارك وتعالى، وعلى معلم العلم ومعلم القرآن أن يخلص نيته لله تبارك وتعالى، وعلى