عثمان: الإخلاص نسيان رؤية الخلق بدوام النظر إلى الخالق فقط، وقال الفضيل: ترك العمل من أجل الناس رياء، والعمل من أجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما.

وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم -: ((إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى))، وبهذا الحديث صد َّ ر البخاري - رحمه الله - كتابه الصحيح، وأقامه مقام الخطبة له؛ إشارة منه إلى أن كل عمل لا ي ُ راد به وجه الله تعالى فهو باطل لا ثمرة له في الدنيا ولا في الآخرة، فالإسلام يرقب بعناية فائقة ما يقارن أعمال الناس من نيات وما ي ُ لابسها من عواطف وانفعالات، وقيمة العمل في الإسلام ترجع قبل كل شيء إلى طبيعة البواعث التي تمخضت عنه، قد ي ُ عطي الإنسان هبة جزيلة؛ لأنه يريد بصنائع المعروف أن يستميل إليه القلوب، وقد يعطيها لأنه يريد أن يجز ي خير ًا من سبقوا، وأسدوا إليه خير ً ا، وكلا المسلكين كرم دفع إليه شعور المرء بنفسه سلب ً اأ وإيجاب ً اكما ي ُ عب ّ ر علماء النفس، ولكن الإسلام لا يعتد ّ بالصدقة إلا خلصت من شوائب النفس، وتمخضت لله - عز وجل - وحده على نحو قول الله سبحانه حكاية عن الأبرار: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا} (الإنسان: 9). وكما قال عن سيد الصحابة أبي بكر -رضي الله عنه-: {الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى * إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى} (الليل: 81 - 21).

إن صلاح النية وإخلاص الفؤاد لرب العالمين يرتفعان بمنزلة العمل الدنيوي البحت، فيجعلانه عبادة متقبلة، وإن خبث الطوي َّ ة يهبط بالطاعات المحضة فيقبلها معاصي شا نئة؛ فلا ينال المرء منها بعد التعب في أدائها إلا الفشل والخسارة، حدث في غزوة العسرة أن تقدم إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجال يريدون أن يقاتلوا الكفار معه، وأن يجودوا بأنفسهم في سبيل الله غير أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015