بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس السادس عشر
(علاقة الإسلام بالدعوات السابقة)
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:
فطر الله الإنسان على التدين، وركز في وجدانه الإيمان بأن هناك خالقًا لهذا الكون مدبرًا له: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} (الروم: 30) والدين صنو الإنسان في الوجود على هذه الأرض التي خلقها الله من أجل الإنسان، والإيمان بالله -سبحانه وتعالى- عهد وميثاق أخذه الله تعالى على بني آدم في عالم الذر، وقال عن هذا العهد والميثاق: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} (الأعراف: 172، 173).
والحقيقة التي أجمع عليها مؤرخو الأديان هي أنه ليست هناك جماعة إنسانية بل وأمة كبيرة ظهرت وعاشت ثم مضت دون أن تفكر في مبدأ الإنسان ومصيره، وفي تعليل ظواهر الكون وأحداثه، ودون أن تتخذ لها في هذه المسائل رأيًا معينًا حق ًّ اأو باطلًا يقينًا أوظن ًّ اتصور به القوة التي تخضع لها هذه الظواهر في نشأتها، والمآل التي تصير إليه الكائنات بعد تحولها، وسواء اعترفت هذه المذاهب بالآلهة أم لم تعترف فالنتيجة واحدة، لكن المسألة إنما هي في صحة تسمية أمثال هذه المذاهب أديانًا.
وقد ورد لفظ الدين في اللغة وأطلق على معان ٍ عدة منها الطاعة والحساب والجزاء والقضاء والحكم والحال والعادة إلى غير ذلك، إلا أن الدين الذي يتعب ّ د به الله - سبحانه وتعالى - فهو لا يكون إلا وحيًا من الله إلى أنبيائه الذين يختارهم من عباده، ويرسلهم أئمة يهدون بأمر الله تعالى، قال تعالى لنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم -: