وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ} (غافر: 51)، وأخيرًا الحياة الدنيا دار لعب ولهو وتفاخر وتكاثر، كما قال تعالى: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ} (الحديد: 20)، وقال تعالى: {أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمْ الْمَقَابِرَ} (التكاثر: 1، 2).
هذه هي نظرة الإسلام إلى الإنسان والمجتمع، وإلى الكون والحياة، وهذه النظرة لها آثارها العملية والتربوية، ومنها ألا يغتر المسلم بالحياة الدنيا ويغفل عن الهدف الذي أوجدت من أجله، بل يحاسب نفسه ويعمل فيها على أنها دار امتحان مؤقت، فيبقى جادًّا يقظًا صبورًا على الشظف، مغامرًا تقدميًّا لا يقف طموحه عند حدّ، بل يتجاوز الأهداف الدنيوية القريبة فيقوم بمشاريع تُشبه المعجزات، ومنها ألا يحرم نفسه مع ذلك من خيراتها، بل يتمتع بهذه الخيرات على أن يحقق بهذا التمتع عبوديته لله تعالى، ويستهدف من وراء كل متعة إرضاء الله قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((وفي بضع أحدكم صدقة؟ قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له أجر؟ قال: أريتم إذا وضعها في الحرام أيكون عليه وزر؟ قالوا: نعم. قال: فإذا وضعها في الحلال كان له أجر))، وقال -صلى الله عليه وسلم- لسعد بن أبي وقاص: ((إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في فيه امرأتك)) حتى اللقمة أي: يداعب الزوج بها امرأته فيضعها في فيها له أجر عليها.
ومن الفوائد التربوية أن يصبر المسلم على البلاء في الدنيا والبأساء والضراء؛ لأنه قد علم أن هذه الدنيا هي دار الامتحان، وتلك طبيعتها نكد وهمّ وغم وحزن قال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ} (البقرة: 155 - 157)،