والأدب بشعره ونثره، وأمثاله وحكمه، ووصاياه وخطبه مهم للداعية، يثقف به لسانه، ويجود أسلوبه، ويرهف حسه، ويقفه على أبواب من العبارات الرائقة والأساليب الفائقة، والصور المعبرة، والأمثال السائرة، والحكم البالغة، ويفتح له نافذة على الروائع والشوامخ، ويضع يده على مئات بل ألوف من الشواهد البليغة التي يستخدمها الداعية في محلها فتقع من القلوب أحسن موقع، وأبلغه، وقد جاء في الحديث: ((إن من البيان لسحرًا)).
وكان من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- شعراء معروفون مثل: حسان بن ثابت، وكعب بن مالك، وعبد الله بن رواحة من الأنصار، وقد أذن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يجود بلسانه وشعره ويرد عنه هجو شعراء قريش، وقال لهم: ((اهجوهم وروح القدس معك)).
ومن الجوانب المهمة في الثقافة الأدبية ما تحكيه كتب الأدب من حوار وقصص وأخبار، كثيرًا ما تكون له قيمة أخلاقية، أو دلالة تربوية فيلتقطها الداعية ذو الحس المرهف؛ لينقلها من مجال المتعة بالقراءة إلى مجال الدعوة والتوجيه.
من الثقافة التي ينبغي للداعية أن يهتم بها وبمعرفتها الثقافة الواقعية، وأعني بها الثقافة المستمدة من واقع الحياة الحاضرة، وما يدور في الفلك ودنيا الناس في العالم الإسلامي وفي خارجه، فلا بد للداعية حتى ينجح في دعوته أن يكون واقفًا على معرفة أحوال الناس من حوله، ومن هنا يجب على الداعية في عصرنا هذا أن يدرس واقع العالم الإسلامي، وواقع القوى العالمية المعادية للإسلام، وواقع الأديان المعاصرة، وواقع المذاهب السياسية المعاصرة، وواقع الحركات الإسلامية المعاصرة، وواقع التيارات الفكرية المعارضة للإسلام، وواقع الفرق المنشقة عن الإسلام، وواقع البيئة المحلية.