على عدم صحة السنة، ومثال ذلك رفع اليدين في الصلاة؛ فإنه جاء عن طريق الآحاد مع عموم الحاجة إليه لتكرار الصلاة في كل يوم فلا يقبل.
ثانيًا: ألا تكون السنة مخالفة للقياس الصحيح وللأصول والقواعد الثابتة في الشريعة، وهذا إذا كان الراوي غير فقيه؛ لأنه إذا كان كذلك فقد يروي السنة بالمعنى لا باللفظ، وهو أمر كثير الوقوع؛ فيفوته شيء من معاني الحديث لا يتفطن له، فلا بد من الاحتياط ألا يقبل الحديث في هذه الحالة إذا كان مخالفًا للأصول العامة، ومقتضى القياس الصحيح.
على هذا الأساس لم يأخذ الحنفية أيضًا بحديث المصراة كما فعل الإمام مالك؛ لأن راوي الحديث وهو أبو هريرة عندهم غير فقيه، كما أن هذا الحديث خالف الأصول والقواعد المقررة كقاعدة الخراج بالضمان التي جاءت بالسنة، وهذه القاعدة تقتضي بأن غلة العين تكون ملكًا لمن يكون عليه الضمان عند هلاك العين، وعلى هذا يجب أن يكون اللبن للمشتري؛ لأن العين في ضمانه كما أن هذا حديث خالف قاعدة الضمان القاضية بأن الضمان يكون بالمثل إذا كان المتلف مثليًّا.
ثالثًا: اشترط الأحناف لقبول سنة الآحاد ألا يعمل الراوي بخلاف الحديث الذي رواه، لأن عمله يدل على نسخه أو تركه لدليل آخر، أو أن معناه غير مراد على الوجه الذي روي فيه، ويمثلون لذلك بحديث: ((إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فاغسلوه سبعًا، إحداهن بالتراب))، فإنهم لم يأخذوا به؛ لأن راوي الحديث كان يغسل الإناء ثلاثًا إذا ولغ فيه الكلب ولا يغسله سبعًا فردوا الحديث لترك الراوي العمل به.
والقول الراجح في مسألة قبول خبر الآحاد، نقول فيه: مع تسليمنا بأن الحنفية والمالكية ما اشترطوا هذه الشروط إلا ليطمئنوا على صحة السنة ونسبتها إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- فإن