شروط التواتر هي: أن يكون الرواة للسنة جمعًا كثيرًا يمتنع تواطؤهم على الكذب أو وقوعه منهم من دون قصد حسب العادة، ولا يشترط للتواتر عدد معين، بل يعتبر ما يفيد العلم على حسب العادة في سكون النفس إليهم -أي: إلى الرواة- وعدم تأتّي التواطؤ على الكذب منهم، إما لفرط كثرتهم، وإما لصلاحهم ودينهم، ونحو ذلك، كما لا يشترط لتحقق التواتر أن يجمع الناس أو أن يُجمع الناس كلهم على التصديق به، بل ضابطه حصول العلم الضروري به، فإذا حصل ذلك؛ علمنا أنه متواتر وإلا فلا.
الشرط الثاني: أن يكون الرواة في كل طبقة من طبقات الرواية بهذا الوصف الذي ذكرناه في الشرط الأول.
الشرط الثالث: أن يكون مستند علم الرواة مستفادًا عن طريق المشاهدة أو السماع، ويترتب على هذا الشرط أمران:
الأول: إذا لم يكن الرواة عالمين بالمخبر به بأن كانوا ظانين؛ فإن الشرط لا يتحقق وبالتالي لا يتحقق التواتر.
والثاني: إذا كان علم الرواة مستندًا إلى أمر عقلي غير محسوس؛ فلا يتحقق التواتر، فإذا تحققت شروط التواتر أفاد الخبر اليقين، والعلم الضروري وهو الذي يُضطر إليه الإنسان؛ بحيث لا يمكن دفعه لأن الثابت بالتواتر كالثابت بالمعاينة، الخبر إذا بلغك عن طريق التواتر كأنك أنت الذي رأيت وكأنك أنت الذي سمعت، وعلى هذا فالسنة المتواترة مقطوع بصحة نسبتها إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- دون أي شك، فتكون دليلًا من أدلة الأحكام، ومصدرًا تشريعيًّا لها بلا خلاف بين المسلمين.