بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الثالث عشر
(المصدر الثاني: السنة)
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:
للسنة في اللغة معنى، وفي اصطلاح الفقهاء لها معنى، وعند الأصوليين لها معنى، أما السنة في اللغة فهي عبارة عن الطريقة المعتادة المحافظ عليها التي يتكرر الفعل بموجبها ومنه قوله تعالى: {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} (الأحزاب: 62)، وسنة الإنسان طريقته التي يلتزم بها فيما يصدر عنه ويحافظ عليها سواء أكان ذلك فيما يحمد عليه أو يذم.
أما السنة في اصطلاح الفقهاء على ما قاله البعض: فهي ما كان من العبادات نافلة ليس بواجب. وهذا هو المشهور حتى عند العامة يقولون: فرض وسنة. للظهر أربع ركعات فرض وأربع ركعات سنة، فالسنة في اصطلاح الفقهاء ما يقابل الفرض، ولكن المستفاد من كتب فروع الفقه أن السنة أيضًا تُطلق عند الفقهاء على ما هو مندوب من العبادات وغيرها، وقد تُطلق كلمة السنة في كلام بعض الفقهاء على ما يقابل البدعة؛ فيقال: فلان على سنة إذا عمل وفق عمل النبي -صلى الله عليه وسلم- ويقال: فلان على بدعة إذا عمل على خلاف السنة.
والسنة في اصطلاح الأصوليين: ما صدر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- غير القرآن من قول أو فعل أو تقرير. فهي بهذا الاعتبار دليل من أدلة الأحكام ومصدر من مصادر التشريع، والدليل على أن السنة هي المصدر الثاني للتشريع الكتاب والإجماع والمعقول. أما الكتاب فقد دلَّ على أن ما ينطق به النبي -صلى الله عليه وسلم- على وجه التشريع مبناه الوحي أي: مصدره الوحي من الله قال تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (النجم: 3، 4).