{إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} (النساء: 10). وقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} (النساء: 14).
وعلى هذا؛ فيجب على كل من يريد استنباط الأحكام من القرآن أن يعرف أساليب القرآن في بيان الأحكام، وما يقترن بالنصوص مما يدل على الوجوب أو الحرمة أو الإباحة، ومن الضوابط والقواعد النافعة في هذا الباب:
أولًا: يكون حُكم الفعل الوجوب أو الندب إذا جاء بالصيغة الدالة على الوجوب أو الندب، أو إذا ذ ُ كر في القرآن واقترن به مدح أو محبة أو ثناء له، أو لفاعله، أو إذا اقترن به الجزاء الحسن والثواب لفاعله، ويكون حكم الفعل الحرمة أو الكراهة إذا جاء ذكره بصيغة تدل على طلب الشارع لتركه، والابتعاد عنه، أو إذا ذ ُ كر على وجه الذم له ولفاعله، أو أنه سبب للعذاب أو لسخط الله أو مقته، أو دخول النار، أو لعن فاعله، أو وصف الفعل بأنه رجس أو فسق أو من عمل الشيطان، أو وصف فاعله بالبهيمة أو الشيطان، ونحو ذلك. ويكون حكم الفعل الإباحة إذا جاء بلفظ يدل على ذلك كالإحلال "أُ حِلَّ لَكُمْ" "أُ ذِنَ لَكُمْ "، ونفي الحرج "لَا حَرَجَ عَلَيْكُمْ" "لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ "، أو الإنكار على من حرم الشيء ونحو ذلك مما يدل على الإباحة.
ودلالة القرآن على الأحكام قد تكون قطيعة، وقد تكون ظنية، لقد عرفنا أن القرآن قطعي ّ الثبوت؛ لأنه وصل إلينا بطريق التواتر المفيد للعلم اليقيني بصحة المنقول، فأحكام القرآن إذًا قطعية الثبوت إلا أن دلالة القرآن عن الأحكام قد تكون قطعية وقد تكون ظنية، فالقرآن قطعي الثبوت أما من حيث الدلالة على الأحكام؛ فقد تكون دلالته قطعية، وقد تكون ظنية، فإذا كان اللفظ لا يحتمل