هذه الطريقة الإقناعية هي طريقة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في إصلاح الأفراد وتربية المجتمع، وإليك أيها الداعية هذا الموقف من مواقف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في إقناع الأفراد في الكفِّ عن الفساد، روى أحمد -رضي الله عنه- عن أبي أمامة -رضي الله عنه- أن غلامًا شابًّا أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "يا نبي الله أتأذن لي بالزنا فصاح الناس به، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو الرءوف الرحيم: ((قرِّبوه)) ثم قال للشاب: ((ادنُ)) فدنا، قال: ((ادنُ)) فدنا قال: ((ادنُ)) فدنا، حتى جلس بين يدي النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال -عليه الصلاة والسلام-: ((أتحبه لأمك)) قال الشاب: لا، جعلني الله فداك، قال: ((كذلك الناس لا يحبونهم لأمهاتهم، أتحبه لأبنتك)) قال: لا، جعلني الله فداك، قال: ((كذلك الناس لا يحبونه لبناتهم، أتحبه لأختك؟)) قال: لا، جعلني الله فداك، قال: ((كذلك الناس لا يحبونه لأخواتهم، أتحبه لعماتك أتحبه لخالتك؟)) كل ذلك يقول الشاب: لا، جعلني الله فداك، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((كذلك الناس لا يحبونه)) ثم وضع -صلى الله عليه وسلم- يده الشريفة الكريمة الطاهرة المباركة على صدر ذلك الشاب ودعا له قائلًا: ((اللهم طهّر قلبه، واغفر ذنبه، وحصّن فرجه)) فلم يكن شيء أبغض إلى ذلك الشاب بعد ذلك من الزنا.
وهكذا ترفَّق النبي -صلى الله عليه وسلم- بالشاب في البدء، ثم أقنعه عقليّا ووجدانيّا بقبح الزنا وأثره على الأخلاق والمجتمع، فبعد أن رأى -صلى الله عليه وسلم- انجذاب الشاب إليه وإقباله عليه وقناعته العقلية بالذي حدّثه به، دعا له بهذه الدعوات الكريمات ذات المعنى والمغزى، فقام من بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وليس شيء أبغض إليه مما جاء يسأل رسول الله أن يرخص له فيه.
أما إذا كانت الفئة التي يلتقي معها الداعية من طبقة الملحدين المارقين، ومن فئة الدهريين المنكرين ومن صفة الوجودين الإباحيين- فإن المناقشة التي يطرحها