ومن الجدير بالذكر أيضًا: أنه يجب التفريق بين مقالة الكفر والكافر، فليس كل من وقع في الكفر يكون كافرًا، ليس كل من قال كلمة كفر يكفر بها، وليس كل من فعل فعل كفر يكفر به، لماذا؟
أولًا: ربما قال هذه الكلمة جاهلًا بأنها كفر، أو فعل هذا الفعل جاهلًا بأنه كفر، أو ربما كان متأوّلًا، ولذلك يجب الرد على المخالف وإقامة الحجة بالمقالة الخاطئة دون الحكم على قائلها بأنه كافر حتى يتبين أنه قد اختار الكفر أو أقيمت عليه الحجة البالغة التي تقطع عذره، فيا شباب المسلمين باب التكفير باب عظيم أمسك عن ولوجه الكبار فسلموا، وخاض فيه الصغار فضلّوا، فكونوا على حذر من ذلك، واحفظوا هذه الإرشادات والتنبيهات التي ذكرناكم بها، لا حكم بالردة إلا من عالم بالإسلام، وليس كل من وقع في الكفر يكون كافرًا.
هذه هي الأصول التي يجب على الدعاة أن يتبعوها في دعوة الكافرين على اختلاف دياناتهم، أما المنافق فله أيضًا في دعوته أصول يجب على الداعية أن يتبعها، فالمنافق وهو الذي يُظهر الإسلام ويبطن الكفر، له أصول يجب اتباعها في دعوته منها:
لا يُحكم على شخص أنه منافق نفاقًا اعتقاديًّا إلا ببرهان لا يقبل النقض، أنه يبطن الكفر ويظهر الإسلام كذبًا؛ لا يجوز أن تقول: فلان منافق، تعني به نفاق الاعتقاد؛ يعني: ليس مسلمًا يقول بلسانه ما ليس بقلبه، لا يجوز أن تقول ذلك إلا ببرهان أوضح من شمس الضحى، فكلمة ((هلَّا شققت عن قلبه؟!)) مشهورة عن النبي -عليه الصلاة والسلام، قالها لحبِّه وابن حبِّه أسامة بن زيد، لما قتل ذلك الرجل الذي كان في غزوة لا يريد أن يصل إلى أحدٍ من المسلمين إلا وصل إليه، فغضب أسامة لإخوانه المسلمين لما كثر القتل فيهم، فأراد أن يثأر لهم، فتوارى وراء الشجرة، ينتظر من ذلك الكافر غفلة، فلما دنا منه رفع عليه السلام، فلما رآه