((يا معشر النساء تصدقن ولو من حليكنّ))، بل إنه -صلى الله عليه وسلم- جعل للنساء يومًا يعلمهنَّ فيه لا يختلط بهن الرجال.
ولم يكن -صلى الله عليه وسلم- يهمل دعوة صغار المسلمين وتربيتهم وإن كانوا غير مكلفين، بل كان يأمر الصبيان وينهاهم ويعظهم ويذكرهم ويعلمهم العقيدة؛ ففي الحديث عن عمر بن أبي سلمة قال: "كنت غلامًا في حجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكانت يدي تطيش في الصحفة -يعني: كان غلام صغير وكان يمد يده هاهنا وهاهنا من إناء الطعام- فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((يا غلام سمِّ الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك)) "، وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: ((كنت خلف النبي -صلى الله عليه وسلم- يومًا فقال: يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلام وجفت الصحف)) بل كان -عليه الصلاة والسلام- يأمر الآباء بتعليم أبنائهم وتربيتهم ودعوتهم إلى عبادة الله -عز وجل- كان يقول: ((مُروا أولادكم وهم أولاد سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع)).
فالمؤمنون جميعًا على اختلاف جنسهم ولغتهم وثقافتهم ومهنتهم بحاجة إلى الدعوة، وعلى الدعاة أن يحرصوا على الوصول بالدعوة إلى كل فردٍ من أفراد المجتمع، وإلى كل طبقةٍ من طبقاته، ولكن عُصاةَ المسلمين وهم الذين سمّاهم الله "ظالمي أنفسهم" أحوج المسلمين إلى الدعوة؛ لأنهم مقصرون في حق الله، ظالمون لأنفسهم بترك الواجبات وفعل المحرمات، فهم بحاجة دائمًا إلى داعية يذكّرهم بالله ويخوّفهم عذابه، بالرفق واللين والحكمة والموعظة الحسنة، لعلهم يتقون أو يُحدث لهم ذكرًا.