يرفع ويزيد من قدر الحاجة إلى المعرفة اليوم من أجل أن ينفي الدعاة عن الدين تحريف الغالين، وتأويل الجاهلين، وانتحال المبطلين، ولعل ثلاثتهم واقع مشاهد بين غالٍ ومفرّط، مع أن طرفي الأمور شطط وخير الأمور الوسط، وهؤلاء الغلاة شر بكل المقاييس يخرجون بغلوهم هذا عن روح الدين وفطرة الخلق، فلا الدين يقبل ذلك؛ حيث إن من خصائصه رفع الحرج {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (الحج: 78).
وبعدُ فهذه هي نظرة الإسلام للمعرفة بأنواعها المختلفة، المعرفة الحسية والعقلية والفطرية، وأنه لا غنًى أبدًا بهذه المعارف الثلاث عن المعرفة الوحيية، وأن الناس بحاجة إلى الوحي كتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم؛ فالوحي يُعدّ أهم مصادر المعرفة ومحور نظرية المعرفة الإسلامية وواضع ضوابطها وحدودها ومعالمها، والمعرفة في ظلّ الوحي ورحابه معرفة يقينية كاملة ثابتة مضطردة غير متناقضة في جوانب علم الشهادة، مطمئنة وواثقة في جانب علم الغيب.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.