فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} (فصلت: 26)، وقد ذكر القرآن الكريم على لسان نوح -عليه السلام- أنه قال عن قومه: {وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا} (نوح: 7).
سادسًا: الإقبال على النافع المفيد، وترك ما لا طائل وراءه من الأبحاث؛ فقد مدح الله تعالى المؤمنين بكونهم عن اللغو معرضون، {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} (الفرقان: 72) {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ} (القصص: 55)، وقد نهى الله تعالى عن الإلحاح في طلب المحال أو ما يشبه المحال، فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} (المائدة: 101)، وقال سبحانه: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا * فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا} (النازعات: 42، 43)، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يسأل الله علم نافعًا ويعوذ به من علم لا ينفع.
أما الدعامة الثانية: فهي دعامة التجارب العملية القائمة على التفكير المنطقي السليم، وهذه الدعامة لها ضوابطها التي رسمها القرآن الكريم، وهي تقوم على هذه الأسس:
أولًا: أن نحرر عقولنا مما رانَ عليها من تقاليد وعادات وأوهامٍ انحدرت إلينا من وراثات الآباء والأجداد أو من البيئة التي تحيط بنا منذ الطفولة، وبهذا نستطيع أن نفكّر ونبحث في حرية وطلاقة، وهذا يستدعي منا أن نشك في كل شيء ونضعه موضع التجربة والاختبار قبل أن نصل به مرتبة اليقين، وهذا ما نادى به ديكارت بعد نزول القرآن الكريم بعدَّة قرون؛ حيث نادى أن الشك أول مراتب اليقين، والقرآن الكريم ينعي على المشركين جهلهم حين يقولون: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُقْتَدُونَ} (الزخرف: 23) {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا