بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الثامن
(التصور الإسلامي للمعرفة بأنواعها المختلفة)
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، وأشهد إلا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:
التصور الإسلامي للمعرفة بأنواعها المختلفة؛ من معرفة حسية وعقلية وفطرية ووحيية:
المعرفة في اللغة ضدّ الإنكار، وتعود إلى معنى السكون والطمأنينة، ويستند ذلك إلى أن ثبوت المعنى في النفس يقتضي سكونها إليه بخلاف ما لم يثبت في النفس، فإنها تُنكره، قال ابن فارس: العين والراء والفاء أصلان صحيحان، يدل أحدهما على تتابع الشيء متصلًا بعضه ببعض، والآخر على السكون والطمأنينة، تقول: عرف فلان فلان عرفانًا ومعرفة، وهذا أمر معروف، وهذا يدل على ما قلناه من سكونه إليه؛ لأن من أنكر شيئًا توحش منه ونبعد. وهذا الأصل ينطبق على معنى العلم من جهة أنه ثبوت المعلوم وتحققه في النفس؛ فمن علم بشيء فقد عرفه، ومن عرفه فقد علم به؛ ولهذا يفسر أهل اللغة المعرفة بالعلم، كما جاء في (اللسان): العرفان العلم، كما يُفسرون العلم بالمعرفة كما جاء في (اللسان) أيضًا: علمت الشيء أعلمه علمًا: عرفته.
وقد يفرق بعض أهل اللغة بين المعرفة والعلم لكن على وجه لا ينافي اتفاقهما في المفهوم الإجمالي، ومن ذلك قول أبي هلال العسكري: الفرق بين العلم والمعرفة، أن المعرفة أخصّ من العلم؛ لأنها علم بعين الشيء مفصلًا عما سواه، والعلم يكون مجملًا ومفصلًا، فكل معرفة علم وليس كل علم معرفة، وذلك أن لفظ المعرفة يُفيد تمييز المعلوم من غيره، ولفظ العلم لا يفيد ذلك إلا بضربٍ آخر من التخصيص في ذكر المعلوم. والشاهد قول أهل اللغة: إن العلم يتعدى إلى مفعولين ليس لك الاقتصار على أحدهما إلا أن يكون بمعنى المعرفة، ولا تنافي