الأثناء وهم يحفرون الخندق عرضت لهم صخرة عجزوا عن كسرها، فشكوا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((إني نازلٌ، أنا قادم لأكسر هذه الصخرة التي عجزت عنها معاولكم؛ فجاء -عليه الصلاة والسلام- وقد ربط على بطنه، ونزل فأتى هذه الصخرة ورفع المعول قائلًا: بسم الله فطار ثلثها، فقال: الله أكبر أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأرى قصورها من مكاني هذا، ثم ضرب الضربة الثانية فطار الثلث الثاني من تلك الصخرة فقال: الله أكبر أعطيك مفاتيح فارس، والله إني لأرى قصورها من مكاني هذا، ثم ضرب الضربة الثالثة فصارت هباء منثورًا فقال: الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن، والله لأني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذا)).
هكذا كان -صلى الله عليه وسلم- يبَشِّرُ أصحابه بأن النصر قريب، وبأن المستقبل لهذا الدين مهما اشتدّت الأزمات، وعظمت الخطوب، ومهما حاول أعداء الدين أن يُطفئوا نور الله -عز وجل- فإنهم لن يصلوا إلى تلك الغاية كما أخبر الله -عز وجل-: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ} (التوبة: 32)، ولقد ظلّ -صلى الله عليه وسلم- يُبشر أصحابه بالنصر والتمكين، وفتح بلاد المشركين، وأكثر عليهم في ذلك؛ تضمينًا لقلوبهم، ومن ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((بَشّر هذه الأمة بالثناء والدين، والرفعة والنصر، والتمكين في الأرض)).
وقوله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله زوى لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن ملك أمتي سيبلغ ما زُوي لي منها))، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله استقبل بي الشام وولّى ظهري اليمن، وقال لي: يا محمد، إني جعلت لك ما تجاهك غنيمة ورزقًا، وما خلف ظهرك مددًا، ولا يزال الإسلام يزيد وينقص الشرك وأهله؛ حتى تسير المرأتان لا تخشيان إلا جورًا، والذي نفسي بيده لا تذهب الأيام والليالي حتى يبلغ هذا الدين مبلغ هذا النجم)). وقوله -صلى الله عليه وسلم-: ((ليبلغنَّ هذا الأمر ما بلغ الليل