رسالة الأوزاعي إلى الوالي العبَّاس في الشام حول أهل الذمة ولزوم رعاية حقهم المشروع، وتأليف الكتب في معاني الإسلام، وكتابة الأبحاث والمقالات والرسائل، من الرسائل المفيدة جدًّا في الدعوة إلى الله، لا سيما إذا تُرْجِمَت إلى لغات من يراد تعريفهم بالإسلام ودعوتهم إليه، فيمكن بهذه الوسيلة تبليغ الإسلام إلى ملايين الناس الذين لا يعرفون اللغة العربية، ولم تصلهم معاني الإسلام. ويلاحظ في كتابة الرسائل والأبحاث والكتب أنَّها توجَّه إلى العموم، ويقرؤها كثير من الناس على اختلاف مستوياتهم في العلم والفهم، فيجب على الداعي أن يكتبها بأسلوبٍ بسيط مفهوم واضح يدركه أقل النَّاس قدرة على فهم الخطاب، وأن تكون المعاني التي يبينها مما لا يسع أيَّ إنسان يريد الإسلام أن يجهلها، وأن تكون خالية من ذكر المسائل الدقيقة والخلافية، وأن تكون مختصرة دون إخلال بالمعنى ومقتضيات التفهيم.
الفرع الثاني: التبليغ بالعمل
751- المقصود بالعمل: نريد بالعمل هنا في مجال التبليغ إزالة المنكر فعلًا، وهذا هو الغالب، ويجوز أن يكون في العمل إزالة منكر، وإنما فيه إقامة معروف، مثل: بناء مسجد أو مدرسة أو نحو ذلك مما يسهِّل أو يحقِّق إقامة شرع الله في جانب من جوانبه، ويكون هذا العمل كدعوة صامته إلى الإسلام، ووسيلة فعالة من وسائل نشر الدعوة إلى الله.
القواعد العامة لإزالة المنكر:
752- والأصل في إزالة المنكر قوله -صلى الله عليه وسلم: "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان"، وإزاله المنكر فعلًا إزالة لما يمنع الخير أو الحق، فإنَّ المنكر في الأرض يدفع من الحق بقدره أو أكثر، فكان زواله أو إزالته تيسيرًا لتحقيق الحق والخير بين الناس، وكان هو من تمام الأمر بالمعروف، ووجه من وجوهه.