اليمان ليطَّلِع على ما عند المشركين في حرب الخندق، قال حذيفة: لقد أمكنني أن أقتل أبا سفيان، ولكن لم أفعل؛ لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمرني أن لا أحدث شيئًا حتى آتيه"1.
ليس كل مسلم يصلح للعمل مع غيره:
725- العمل مع الغير لنشر الإسلام والدعوة إلى الله يحتاج إلى فقهٍ دقيق وصبر جميل، وترويض للنفس على الطاعة، وقدر كبير من ضبط النفس ونكران الذات والتواضع، والقابلية على الانسجام مع سير المشتركين معه في العمل لنشر الإسلام، وقبول الرأي المخالف لرايه إذا أقرَّته الجماعة، أو اختاره الرئيس، إلى غير ذلك من المعاني اللازمة لأيّ عمل جماعي، وقد يكون -والله أعلم- في قوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ} 1، نوع من التنبيه إلى هذا المعنى، فالدعوة إلى الخير وعلى رأسها الدعوة إلى الله واجبة على كل مسلم جهد استطاعته، وبصفته فردًا مسلمًا، وهذا يدل على قوله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} 2، وقوله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} 3، وفي آية {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ} تكليف "أمة" من المسلمين، أي: جماعة بالدعوة إلى الله، وهذا -والله أعلم- في الأمور التي تستلزم توحيد الجهود وقدرات أفرادها على العمل الجماعي. ولهذا كله فليس كل مسلم يصلح للعمل الجماعي؛ لأنه ليس كل مسلم فيه المعاني اللازمة لهذا العمل، فقد يكون صالحًا في نفسه، ولكنه لا يفقه معنى النظام والطاعة، فهو يعتبر تقييدًا على حريته ونوعًا من التعسُّف، ويعتبر الطاعة مذلة واستكانة، لا متابعة لأمر الله وإطاعة له، كمتابعة المأموم لإمامه في الصلاة، يتابعه تنفيذًا لأمر الشرع، وليسلم له الأجر والثواب، ومثل هذا المسلم قد ينفع منفردًا، ولكنه يضر إذا عمل مع غيره، وقد يكون قدوة سيئة لمن يعمل معه من أفراد الجماعة في إخلاله بالنظام وعدم التزامه بمقتضيات الطاعة، فيختلّ