664- ثالثًا: رميهم الدعاة بالاتصال المشبوه، وأنَّ دعوتهم من خرافات الماضيين:
ومن أساليب المبطلين في إثارة الشبهات حول الداعي، زعمهم أنَّه متصل بقوم معينين يساعدونه على التلفيق والقيام بهذه الدعوة، وأنَّ دعوته لا صلة لها بالدين ولا بالله، وإنما هي من خرافات الماضين، يريد بها الوصول إلى ما يريده بمن يعينه عليها.
قال ربنا تعالى عن قريش وما أثاروه من شبهات كاذبة حول دعوة الإسلام ونبيه -عليه الصلاة والسلام: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا، وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا، قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} 1.
665- رابعًا: الداعي رجل مغمور
ومن شبهاتهم أنَّ الداعي رجل مغمور، لا هو في العير ولا في النفير، وليس هو من المثقَّفين الكبار، ولا من الاغنياء المعروفين، ولا من ذوي المناصب والجاه في المجتمع، ويرتبون على ذلك أنَّهم أولى بكلِّ خير، وبكل دعوة إلى الإصلاح، فلو كان ما يدعو إليه الداعي صلاحًا وحقًّا لجاء بهذه الدعوة غيره من أشراف المجتمع، قال تعالى حكاية عن مشركي العرب فيما قالوه لسيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم: {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْءانُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ، أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} 1، فالله تعالى أعلم حيث يجعل رسالته، فهو الحكيم العليم، وقال تعالى: {وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ، قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ، وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ، وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ} 3، فأهل