عنه من شبهات، بنفيه عن أنفسهم بأسلوب عالٍ رفيع واضح مع شفقة على أولئك المفترين، قال تعالى عن قوم نوح وما رموه به وأسلوب رده عليهم: {قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ، قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ، أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} 1.
ويلاحظ في رد نوح -عليه السلام- أنَّه خاطبهم بقوله: "يا قوم"، فهم قومه ولم يتبرأ من انتسابه إليهم، ومن شأن هذا الخطاب أن يساعد على إيقاف لجاجتهم بالباطل، ثم بَيِّنَ لهم أنَّه ليس به ضلالة كما يدَّعون، ومعنى ذلك أنهم يكذبون أو يجهلون، فعليهم أن يقلعوا عن كذبهم وجهلهم، ثم بَيِّنَ لهم حقيقة أمره، وهي أنه رسول الله، ومن شأن رسل الله الصدق فيما يقولون ويبلغون عن الله تعالى، ثم بَيِّنَ لهم أنَّه يريد تبليغهم رسالة الله، وينصح لهم، ويريد الخير لهم، وأنَّه على علمٍ من أمر الله لا يعلمونه، ومن حق الناصح أن يُطَاع ويسمع منه، ثم بَيِّنَ لهم أن لا داعي لعجبهم أن جاءتهم رسالة الله على لسان رجل منهم يعرفهم ويعرفونه، وينذرهم عاقبة ما هم فيه، ويدعوهم إلى تقوى ربهم وخالقهم، فعسى أن تصيبهم رحمة الله في الدنيا والآخرة.
وبمثل هذا الأسلوب الرفيع المؤثر رد هود -عليه السلام- على افتراءات وشبهات قومه، قال تعالى: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ، قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ، قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ، أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ} 2.
663- ثانيًا: الإفساد في الأرض وطلب الرئاسة على الناس:
ومن شبهاتهم التي يثيرونها حول الداعي أنَّه يريد العلوَّ في الأرض والرياسة على