اصول الدعوه (صفحة 421)

والذي يتعلق بالمدعوين يتمثَّل بإظهار الحرص على مصالحهم وملتهم ودين آبائهم، والحفاظ على نعيمهم وحياتهم المطمئنة، مما يقصد منها إثارة حماس الناس ضد الدعاة إلى الله.

موقف الداعي من الشبهات:

661- والداعي إزاء هذه الشبهات مضطر إلى تنفيذها وإظهار زيفها وبطلانها؛ لأنها موانع تمنع من رؤية الحق في حق ضعاف البصر والبصيرة، كما تمنع الإحساس بالداء، والحاجة إلى الدواء، وتكون الإزالة بالحجة والبرهان، ولكن بصراحة ووضح وحسن بيان، مع أدبٍ بالقول ورفقٍ في الخطاب، دون أن تستفز الداعي أكاذيب المفترين، فيحمله ذلك على الانتصار لنفسه والغضب لها، والنطق بما لا يجوز. نحن نعلم أنَّ هذا شيء ثقيل على نفس الداعي، ولكنه لا بُدَّ منه، ولا سبيل غيره، ويهون إن شاء الله بكمال التجرُّد إلى الله، واحتساب ما يلقاه من أذى عند الله. إنَّ مهمة الداعي إزاء الشبهات وإزالتها مهمة الطبيب العالم الناصح الشفيق، لا تسنفزه صيحات المرضى وكرههم رؤية الطبيب، بل ولا يمنعه شتمهم له وطعنهم به من الاستمرار على معالجتهم؛ لأنه يعلم أنَّ هذه الأمور منهم هي بعض أعراض أمراضهم، والطيب إنما يريد علاجهم لا الانتقام منهم.

والأسلوب الجيد في إزالة الشبهات يعرفه الداعي من قصص الأنبياء، وموقفهم من الشبهات التي أثارها المبطلون، وهذا ما نذكر شيئًا عنه في الفقرات التالية:

أمثلة على شبهات أهل الباطل والردِّ عليها:

662- أولًا: الطعن بالدعاة

يحرص "الملأ" وأتباعهم على إبعاد الناس عن الدعاة إلى الله تعالى بالطعن في أشخاصهم وأمانتهم وعقولهم، وهذا ما فعله أسلافهم مع رسل الله تعالى، فقد اتهموهم بالسحر والجنون والضلال، قال تعالى: {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ، أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} ، وقال مشركوا العرب عن نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم: {وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ} ، وكان رسل الله يردُّون على هذا الافتراء ويزيلون ما يتولَّد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015