عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ، ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ} 1، وقال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} 2.
وهذ النهج القرآني في التأكيد على العقيدة الإسلامية ظلَّ مستمرًّا حتى بعد الهجرة إلى المدينة، فكانت الآيات تنزل ببيانها، أو تختم آيام المعاملات بأصول العقيدة كالأيمان بالله واليوم الآخر. والتأكيد على العقيدة -وهو النهج السليم كما قلنا- لازم كالإيمان للداعي في دعوته بالنسبة لضعاف العقيدة من المسلمين الذين يظهر ضعف عقيدتهم بعصيان أوامر الشرع واستثقال تكاليفه، والتخبط في كثير من دروب الغواية والضلال، بل إنَّ هذا النهج لازم حتى بالنسبة للمسلمين الذين لا يظهر عليهم عصيان ظاهر؛ لأنَّ هذا التأكيد على العقيدة وتذكيرهم بمعانيها يقيهم الانحراف والعصيان.
اعتراض ودفعه:
654- وقد يعترض علينا بأنَّ في دعوة الأنبياء لأقوامهم إنكارًا منهم لبعض مفاسدهم، كما في قصة لوط وشعيب -عليهما السلام، فكيف يقال: إنَّ التأكيد يكون على معاني العقيدة أولًا، فإذا حصلت الاستجابة انتقل الداعي إلى الفروع، والجواب على ذلك أنَّ التأكيد على العقيدة معناه: جَعْلُ معاني العقيدة في المقام الأول وعدم نسيانها أبدًا، وربط المفاسد الخطيرة في المجتمع بمعاني العقيدة، وبيان أنها بعض آثار التمرُّد على الله، هذا هو المقصود مما قلناه من لزوم التأكيد على العقيدة، وليس المقصود إغفال ما يراه الداعي من مفاسده خطيرة في المجتمع، يدل على ذلك ما جاء