-صلى الله عليه وسلم- لرؤساء قريش، وقد جاءوا إلى أبي طالب يسألونه: ماذا يريد منهم محمد -صلى الله عليه وسلم، فقال الرسول الكريم: "تقولون: لا إله إلّا الله، وتخلعون ما تعبدون من دونه" 1، وهكذا قالت رسل الله جميعًا بلا استثناء، قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} .
التأكيد على معاني العقيدة الإسلامية:
653- وإذ قد تبيِّنَ لنا أصل الداء وأصل الدواء، فعلى الداعي المسلم في دعوته إلى الله تعالى أن يؤكِّد على معاني العقيدة الإسلامية، فهي الدواء لأصل الداء الذي بيناه، فيؤكد على الإيمان بالله ربًّا وإلهًا، وعلى الإيمان بمحمد -صلى الله عليه وسلم- نبيًّا ورسولًا، وعلى البعث بعد الموت بالروح والجسد، وعلى ضرورة العمل الصالح للنجاة من العذاب في الآخرة.
فالعقيدة الإسلامية وتجلية معانيها وأصولها وما تستلزمه وتتضمَّنه هي الأساس في دعوة الداعي وما يؤكد عليه دائمًا، ولا يغفل عنه مطلقًا؛ لأنها هي الأصل في دعوته، وما عداه فروع، فإذا استقام له هذا الأصل واستجاب له المدعوون بعد كفرهم، سهل عليه إقناعهم بمعاني الإسلام وفروعه المختلفة، وإذا رفضوه رفضوا سائر فروعه ومعانيه، وهذا هو النهج الصحيح الذي دلَّ عليه القرآن الكريم، وسار عليه النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم, فإن القرآن ظلَّ يتنزَّل في مكة بالسور والآيات في بيان أصول العقيدة ومعانيها، مثل: الإيمان بالله ووحدانيته في الربوبية والألوهية، والإيمان بيوم الحساب، ومآل الناس إلى الجنة والنار، وضرورة الإيمان بالرسول -صلى الله عليه وسلم، والقيام بالعمل الصالح المشروع.
فمن ذلك قوله تعالى: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ، مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ، وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} 2، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ