631- رابع عشر: تواصيهم بترك الجهاد، قال تعالى: {فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ} 1.
من صفات المنافق عدم المعرفة وعدم الفقه، فهو يترك الإيمان بالله، ويفرح بقعوده عن الجهاد في سبيله، ويوصي غيره من المنافقين بعدم الجهاد لما فيه من المشقَّة كالحر، وينسى هذا المنافق أنَّ نار جهنم أشدُّ حرًّا من هذا، وأنَّ العاقل من يعمل ما ينجيه منها.
632- خامس عشر: الإضرار بالمؤمنين وتستُّرهم بفعلٍ ظاهره مشروع، قال تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ، لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} 2، تشير الآية إلى بعض صنيع المنافقين في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم، فقد بنوا مسجدًا ضرارًا لمسجد قباء، أي: ضررًا لأهل مسجد قباء وهم المؤمنون، وكفرًا بالنبي -صلى الله عليه وسلم، وإرصادًا لمن حارب الله ورسوله، أي: انتظارًا وترقبًا لمن حارب الله ورسوله من قبل بناء مسجد الضرار، وهذا هو مقصودهم من بناء المسجد، وإن حلفوا كاذبين أنَّهم إنَّمَا أرادوا ببنائه الحسنى، أي: الخير والرفق بالمسلمين؛ ليصلي فيه ذو العلة والحاجة، والله يشهد أنهم لكاذبون فيما يحلفون عليه، وقد كان من خبر هذا المسجد أنَّ الله -عز وجلّ- أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يهدمه ولا يصلي فيه، وأنَّ مسجد قباء الذي أُسِّسَ على التقوى وطلب رضاء الله هو الذي يستحق أن يصلِّيَ فيه المسلمون ويجتمعون فيه على الخير، "وهذا المسجد ما يزال يتخذ في صور شتَّى تلائم ارتقاء الوسائل الخبيثة التي يتخذها أعداء هذا الدين. تتخذ في صورة نشاط ظاهره للإسلام، وباطنه لسحق الإسلام أو تشويهه وتمويهه وتمييعه.
وتتخذ في صورة أوضاع ترفع لافتة الدِّين عليها لتختفي وراءها وهي ترمي هذا الدين، وتتخذ في صورة تشكيلات وتنظيمات وكتب وبحوث تتحدَّث عن الإسلام.........