الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} 1، ومن صفات المنافقين أنَّهم يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف؛ لأن نفوسهم المريضة لم تعد ترغب في رؤية الخير يعمله الناس، فهم يحبون أن يشيع الشر والمنكر بين الناس، فهذا هو الذي تهواه نفوسهم، ويشفي حقدهم وغيظهم على أهل الحق، وحتى يتساووا مع الناس في فعل القبائح، ومع هذه الصفة الخبيثة لا ينفقون فيما يحبه الله، فهم بخلاء في الإنفاق وفي فعل الخير، وفي الأمر به والدلالة عليه.
629- ثاني عشر: الغدر وعدم الوفاء بالعهد، قال تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ، فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ، فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} 2، من صفات المنافقين الغدر والخيانة وعدم الوفاء بالعهد، حتى مع الله -جلَّ جلاله، بخلاف المؤمن، فإنَّ الكلمة تلزمه، فلا يغدر ولا يخون، ويفي بعهده مع الناس ومع الله تعالى، وهذه الآية الكريمة تبيِّن أنَّ من المنافقين من أعطى الله عهده وميثاقه لئِنْ أغناه من فضله ليصدقَنَّ من ماله، وليكونَنَّ من الصالحين، فما وفى بما قال، ولا صدق فيما ادَّعى، فأعقبهم هذا الصنيع نفاقًا سكن وثبت في قلوبهم إلى يوم يلقون الله -عز وجلَّ- يوم القيامة3.
630- ثالث عشر: يعيبون المؤمنين ويسخرون منهم، ولا يرضيهم منهم شيء، قال تعالى: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} 4.
من صفات المنافقين عيبهم الدائم للمؤمنين، وطعنهم فيهم، ولا يرضيهم منهم شيء، فإن تصدَّق أحد المؤمنين بالمال الكثير قالوا عنه: هذا مراء، وان تصدَّق بالقليل لأنه لا يجد أكثر منه، قالوا: إن الله لغني عن صدقة هذا، ومع عيبهم هذا يسخرون من المؤمنين ويستهزءون بهم، ويضحكون منهم.