عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِين} ، وهذا وإن كان خطابًا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم، ولكنه يشتمل معناه الدعاة إلى الله، فعليهم أن ينذروا الأقربين إليهم، مبتدئين بأفراد أسرهم وأقاربهم ومن يعرفونهم، بل إنَّ دعوة الأهل وأفراد الأسرة أوجب من غيرهم؛ لأنَّ الداعي إن كان ربَّ أسرة فإنَّه مسئول عنهم، "كلكم راعٍ ومسئول عن رعيته"، وهذه المسئولية تشمل القيام بشئونهم المادية من توفير الطعام والشراب والسكن، ونحو ذلك من الأشياء المادية، كما تشمل شئونهم الدينية، بتعليمهم ما يلزمهم من أمور الإسلام ودعوتهم إليه.
قال تعالى مثنيًا على أحد رسله الكرام: {وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاة} ، وقال تعالى: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} ، ووقايتهم من النار تكون بدعوتهم إلى الإسلام وطاعة أوامر الله وترك نواهيه.
حقوق المدعو:
589- ومن حق المدعوِّ أن يؤتى ويدعى، أي: إنَّ الداعي يأتيه ويدعوه إلى الله تعالى، ولا يجلس الداعي في بيته وينتظر مجيء الناس إليه، وهكذا كان يفعل الداعي الأوّل نبينا الكريم -صلى الله عليه وسلم، يأتي مجالس قريش ويدعوهم، ويخرج إلى القبائل في منازلها في موسِم قدومها مكة ويدعوهم، ويذهب إلى ملاقاة من يقدُم إلى مكة ويدعوه، فقد جاء في سيرة ابن هشام: "فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعرِض نفسه في المواسم -إذا كانت- على قبائل العرب يدعوهم إلى الله، ويخبرهم أنَّه نبي مرسل، ويسألهم أن يصدِّقوه ويمنعوه حتى يبيِّن عن الله ما بعثه به، فيقف على منازل القبائل من العرب فيقول: "يا بني فلان، إني رسول الله إليكم، يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، وأن تخلعوا ما تعبدون من دونه هذه الأنداد، وأن تؤمنوا بي وتصدقوا بي وتنمعوني حتى أبيِّن عن الله ما بعثني به.... وكان -صلى الله عليه وسلم- لا يسمع بقادمٍ إلى مكة من العرب له اسم وشرف إلّا يتصدَّى له، فدعاه إلى الله وعرض عليه ما عنده"1، ولم يكتف -صلى الله عليه وسلم- بأهل مكة ومن كان يأتيها، وإنما ذهب إلى خارجها، ذهب إلى الطائف يدعو أهلها، "فلما انتهى إلى الطائف عمد إلى نفرٍ من ثقيف هم يؤمئذ سادة ثقيف وأشرافهم، فجلس إليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فدعاهم إلى الله".