اصول الدعوه (صفحة 311)

الرسول -صلى الله عليه وسلم- هم الذين يدعون إلى الله.

هذا ومن معاني الفرض الكفائي أنَّه متوجه إلى المسلمين جميعًا بأن يعملوا لتحقيقي هذ الفرض، وعلى القادر فعلًا أن يقوم بهذا الفرض مباشرة، فيكون معنى الآية: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} أن يقوم المسلمون بإعداد هذه "الأمة"، أي: الجماعة المتصدية للدعوة إلى الله، وأن يعاونوهم بكل الوسائل ليتحقق المقصود من قيامهم وهو إقامة دين الله ونشر دعوته، فإن لم يفعل المسلمون ذلك أثم الجميع، المتأهِّل للدعوة وغيره1.

ويقال أيضًا: إنَّ الدعوة إلى الله حتى لو قلنا: إنها تجب على البعض دون البعض الآخر باعتبار أنَّها من الفروض الكفائية، فإنَّ الشرط للخروج من عهدة الفرض الكفائي حصول الكفاية بمن يقوم به، ولما كانت الكفاية غير حاصلة، فيجب أن يقوم بهذا الواجب كل مسلم حسب قدرته، لا سيما في زماننا؛ حيث لا يزال الشرك والوثنية والجاهلية تغشى مجتمعات بشرية كثيرة في أفريقيا وأمريكا، وغيرها من أقطار الأرض المختلفة، ونشر الدعوة إلى الله في هذه المجتمعات الجاهلية يحتاج إلى جهود جبَّارة يشترك فيها جميع المسلمين كل حسب استطاعته، بماله أو تعليمه، أو بفكره، أو بسلطانه.

515- وقد يتشبث البعض توهمًا منه، بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} 2؛ ليتخلَّص من واجب الدعوة إلى الله، ويبرِّر قعوده وتقاعسه، متوهمًا أنَّ هذه الآية الكريمة تعفيه من تكليف الدعوة إلى الله ما دام هو في نفسه صالحًا مهتديًا. إن هذا الوهم تسرَّب إلى البعض في زمن الصديق أبي بكر -رضي الله عنه، فخطب في الناس وقال: "يا أيها الناس، إنكم تقرءون هذه الآية الكريمة وتضعونها في غير موضعها: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015