المنكر الدعوة إلى الله وحده، والبراءة من الشرك بأنواعه، بل إنَّ القرن الكريم جعل من صفات المؤمنين الدعوة إلى الله، بخلاف المنافقين الذين يصدون عن سبيل الله، ويدعون إلى غيره، قال تعالى: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ} 1، ثم قال تعالى بعد ذلك: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} 2، قال القرطبي في تفسير هذه الآية الكريمة: "فجعل الله تعالى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرقًا بين المؤمنين والمنافقين، فدلَّ على أن أخصَّ أوصاف المؤمنين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ورأسها الدعاء إلى الإسلام"3.
وأضيف إلى ذلك أنَّ الله -تبارك وتعالى- بهذه الآية وصف الأمة الإسلامية بما وصف به رسول الله -صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} 4.
من هو المكَلَّف بالدعوة إلى الله:
512- ومما ذكرنا يتضح بجلاءٍ أنَّ المكلَّف بالدعوة إلى الله هو كل مسلم ومسلمة؛ لأن الأمة الإسلامية تتكون منهم، فكل بالغ عاقل من الأمة الإسلامية -وهي المكلفة بالدعوة إلى الله- مكلف بهذا الواجب، ذكرًا كان أو أنثى، فلا يختص العلماء أو كما يسميهم البعض رجال الدين، بأصل هذا الواجب؛ لأنه واجب على الجميع، وإنما يختصون بتبليغ تفاصيله وأحكامه ومعانيه نظرًا لسعة علمهم به ومعرفتهم بجزئياته.
ويزيد الأمر وضوحًا -وهو أنَّ المكلَّف بالدعوة إلى الله تعالى هو كل مسلم ومسلمة- قول ربنا -جلَّ جلاله: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} 5، فأتباع الرسول -صلى الله عليه وسلم، المؤمنون به، يدعون إلى الله على بصيرة، أي: علم ويقين، كما كان رسولهم -صلى الله عليه وسلم- يدعو إلى الله على بصيرة ويقين، ومعنى ذلك أنَّ من اللوازم الضرورية لإيمان المسلم أن يدعو إلى الله،