أ- الحدود:
477- وهي العقوبات المقدَّرَة لجرائم الحدود، وقد وجبت كما قال الفقهاء حقًّا لله تعالى؛ لأنَّ نفعها للعامَّة لا اختصاص لأحدٍ بها، وما كان نفعه عامًّا يعتبر من حقِّ الله، ولهذا نُسِبَ إلى ربِّ الناس جميعًا لعظيم خطره وشمول نفعه1؛ ولأنَّ هذه النسبة تشعر بلزوم العناية والاهتمام به وعدم التفريط فيه، ولهذا لا يجوز إسقاط هذه العقوبات "الحدود" بعد ثبوت جرائمها أمام القضاء، حتى ولو رضي المجني عليه بهذا الإسقاط؛ لتعلق حق الله بهذه العقوبات.
وجرائم الحدود التي ثبت فيها هذا النوع من العقوبات هي: الزنى، والقذف، وشرب الخمر، والسرقة، والحرابة، والردة، والبغي.
478- أولًا: عقوبة الزنا
وهو كلّ وطء وقع على غير نكاح، ولا شبهة نكاح، ولا ملك يمين2، وعقوبته الجلد أو الرجم، والتغريب.
أمَّا الجلد فالأصل فيه قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} 3، وجاءت السنة النبوية مقرِّرةً الجلد، من ذلك ما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أمر بجلد رجل أقرَّ بزناه مائة جلدة، وكان بكرًا 4، ولا خلاف بين الفقهاء في وجوب الجلد على الزاني إذا لم يكن محصَنًا.
أمَّا الرجم: فقد ثبت بسنَّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم، وأجمع عليه الصحابة والمسلمون، ولم يشذ عن هذا الإجماع إلّا الخوارج5، والرجم معناه: رجم الزاني بالحجارة، أو ما يقوم مقامها حتى الموت، ولا يجب الرجم إلّا على المحصن بإجماع العلماء، ومن شروط