خاصة، لئلا يشوب إخلاصه وسمعته، فيفقد هيبته التربوية وتأثيره في نفوس طلابه، وقد بين الله ذلك عند ذكر الحوار الذي جرى بين الرسل وأقوامهم، فقال مخاطبا رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ} [الفرقان: 25/ 57] .
وقال على لسان نوح، وهود، وصالح، ولوط، وشعيب: {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: 26/ 109 و127، 145، 164، 180] .
فتكررت هذه الآية خمس مرات في هذه السورة، لتؤكد إخلاص الرسل، وتنزههم عن المصالح المادية الشخصية في دعوتهم إلى الله.
وفي المعنى اللغوي لـ"نصح" ما يدل على الخلاص من الشوائب، والغش ففي القاموس: ورجل ناصح الجيب: لا غش فيه، والناصح: العسل الخالص، وهكذا يتفق المعنى اللغوي مع المعنى الشرعي والهدف التربوي، وقد تكرر ورود ألفاظ من هذه المادة "نصح" في مواطن من القرآن الكريم على لسان الرسل في حوارهم مع أقوامهم، كقول نوح:
{وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ} [هود: 11/ 34] ، وكقول هود لقومه "عاد": {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ} [الأعراف: 7/ 68] ، فدلت هذه الآية على أن من شروط النصح الأمانة، وهي هنا تبليغ الحق والشرع، وأخبار الغيب، كما وردت بدون تحريف ولا تشويه، مع نحري الصحة في الأسانيد إن كان العالم يستدل بأحاديث نبوية.
*- التذكير: وهو أن يعيد الواعظ إلى الذاكرة معاني وذكريات، وتستيقظ معها مشاعر ووجدانات وانفعالات، تدفع للمبادرة إلى العمل الصالح، والمسارعة إلى طاعة الله وتنفيذ أوامره، وهذا يقتضي أن يكون في ذكريات الموعوظ، ووجدانه ما يعتمد عليه الواعظ من إيمان بالله، وخوف من الحساب، ورغبة في الثواب وللتذكير وسائل أهمها:
1- التذكير بالموت؛ وقد كان عمر بن الخطاب يخاطب نفسه قائلا: كفى بالموت واعظا يا عمر، وكان الخوف من الله ومن الحساب بعد الموت بين يدي الله قد أسال