يحتاج حقا إلى سراويل جديدة، فإذا وافق فإنها تسأله: أتحب هذه؟ وهي لا بد أن تحول إقناعه بأنه يفضلها؛ لأنه هذا هو النوع الوحيد الموجود".
ويعلق الطبيب النفسي بنجامين سيوك على هذا بقوله:
"إنه مما يحير الطفل الصغير أن نعرض عليه حشدا من الاختبارات التي لا تخدم أي غرض نافع، ويقينا فإنه مما يأتي بعكس المقصود، أن نشجعه على الاختيار من أبدال إذا كنا نجحده نصفها".
ويتساءل د. سبوك عن السبب: أهو قناعة تربوية؟ ثم يقرر بأنه: "عادة من عادات الذهول "اللاشعور"، وقعت الأم في أسرها"، ويقول: "ولكن وراء العادة في كثير من الحالات، يمكن في قرارة نفس الأم خوف غامض يساورها بأنها تخشى أن تفرض إرادتها عليه "أي على طفلها" فرضا قويا، ولعلها، إذا سئلت فإنها ربما تقول: إنها لا تريد أن تكتم شخصيته وتخمد ذاتيته، وأنها لا تريد أن تجعله ينفر من سلطتها، ويستاء منها".
ونحن نلمح في ثنايا هذا الكلام خوف الأم الأمريكية من مخالفة الآراء التربوية التي أصبحت عواطف لا شعورية تكمن في قرارة نفسها، ولكن نتائج هذا الوازع التربوي، "الذي أصبح خوفا لا شعوريا"، كانت وخيمة على الجيل الأمريكي، يدلنا على ذل قول بنجامين سبوك: "وعندي أن هذا التردد والتذبذب في تربية الأطفال، وهذه المراعاة الوجلة القلقة لرغباتهم ونزواتهم، تعتبر إحدى النواحي لما يشار إليه عادة بـ"ظاهرة التدليل أو الإباحة"، وهي غالبا ما
تواكب النزعة إلى السماح للأطفال بأن يكونوا غير مهذبين، وعصاة لآبائهم
وأمهاتهم، أو نائحين شارقين بالدمع لأقل إثارة، أو مهملين فيما يخصم من أشياء، أو فيما يمتلكه الغير أو شديدي الهياج والعدوان، والإثارة في لعبهم ولهوهم".
ولنقف عند هذا الحد مما نقله لنا عالم متزن من علماء النفس الأمريكيين، ولنربط بين هذه الظواهر التربوية، وبين ما نتج عنها بما نسمعه من جرائم الأحداث