النديم هو أول من استخدم هذا اللفظ للدلالة على ما يطلق عليه الآن ببليوجرافيا، فابن النديم نفسه نقل عن فهرست كتاب لجابر بن حيان الذي توفي على رأس المائة الثالثة، كما نقل عن فهرست كتب الرازي، ونقل عن فهرست كتب عبدان، وفهرست كتب جالينوس الذي أعده حنين بن إسحاق، وكما أطلق لفظ الفهرست في تراثنا العربي على الأعمال الببليوجرافية، التي تحصي المؤلفات كذلك استخدم منذ القدم بدلالته الحالية عند المكتبيين العرب والأجانب، بدليل ما نجده في المصادر التاريخية من حديث عن فهارس بيت الحكمة أو خزانة الحكمة في بغداد، وخزانة العزيز الفاطمي بالقاهرة، وخزانة الحكم المستنصر في قرطبة، وغيرها من خزائن ومكتبات.
في (رسائل البلغاء) تحدث الحسن بن سهل بأن خزانة الحكمة في بغداد كان لها فهرس في زمن الخليفة المأمون، وذكر ابن الجوزي أنه في سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة اشترى سابور بن أردشير -وزير بني بويه- دارًا في الكرخ بين السورين، وعمرها، وبيضها، وسماها دار العلم، ووقفها على أهل العلم، ونقل إليها كتبًا كثيرة ابتاعها، وجمعها، وعمل لها فهرسًا.
كما روى ابن خلدون عن ابن حزم عن بكية الخصي، الذي كان يعمل على خزانة العلوم والكتب في قصر الخلافة الأموية بالأندلس، في النصف الثاني من القرن الرابع الهجري، روى عنه أن عدد الفهارس التي فيها تسمية الكتب أربعة وأربعون فهرسة في كل فهرسة عشرون ورقة، ليس فيها إلا ذكر أسماء الدواوين، إلى غير ذلك من أخبار تؤكد معرفة العرب في القديم لنظام الفهرسة، وأنهم عرفوا نظام الأبجدية في ترتيبهم، كما اتضح ذلك من خزانة التربة الأشرفية في عهد الملك الأشرف موسى بن الملك العادل الأيوبي.