ويتحقق التنسيق أيضًا بتنظيم الفقرات والحواشي، وكان القدماء لا يعنون بتنظيم الفقرات إلا بقدر يسير؛ فكان بعضهم يضع خطًّا فوق أول كلمة من الفقرة، وبعضهم يميز تلك الكلمة بأن يكتبها بمداد مخالف، أو بخط مختلف، أما الآن فللفقرة نظام في الكتابة؛ حيث تبدأ الفقرة بسطر جديد، ويترك الكاتب بعض الفراغ في أول ذلك السطر، وكذا الحواشي والتعليقات لم يكن لها نظام معين عند الأقدمين، فأحيانًا كانوا يضعونها بين الأسطر، وبعضهم كان يضعها في جانب الصفحة في الهامش، ويشير إليها، أو لا يشير إليها.

الآن يجب أن نفصل الحواشي عن المتن، وتكون الحاشية عادة في أسفل الصفحة، وتكتب بحروف تختلف عن حروف المتن حتى تتميز، لو أن الباحث كتبها بنفس الحروف في الحجم وفي النظام لالتبس على بعض القارئين، وهناك طرق لكتابة الحواشي، فالبعض يجعل حواشي كل فصل والتعليقات التي فيها في آخر الفصل، والبعض يجعل الحواشي بما فيها من تعليقات في آخر الكتاب.

والبعض يجعل الإشارات إلى اختلاف النسخ في حاشية الصفحة نفسها، أما التعليقات وبقية ما يرد بالحاشية فيجعله في آخر الكتاب كالشرح، والتحليل، والتعليق، والتفسير، ولهؤلاء حجتهم، فهم لا يريدون أن ينشغل القارئ بشيء غير المتن، وهناك من يجعل حواشي كل صفحة أسفلها، والحقيقة أنا أميل إلى حواشي كل صفحة موجودة في أسفلها، بالإشارات، بالتعليقات، بالتفسيرات، كل شيء.

فكثيرًا ما يحتاج القارئ إلى معرفة معنى كلمة مثلًا، أو موضع صفحة، أو اسم مرجع، أو اسم مؤلف، أو أي شيء مما يسجل في الحاشية، فليس من اللائق أن يترك القارئ الصفحة موضع تأمله، ويذهب إلى آخر الفصل، أو إلى آخر الكتاب ليعرف ما يريد من كلمة، أو اسم مرجع، أو اسم مؤلف؛ فإن في ذلك ضياعًا للوقت، وانفصالًا للفكر عن الموضوع الذي يقرؤه، ويستحسن أن تبتدئ كل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015