بهذا أيها الإخوة ينتهي الحديث عن تحقيق المتن.
إذا فرغ الباحث من تحقيق المتن، ووثقه، وقومه، وأصلح فاسده، وصيره على صورة أقرب ما تكون إلى الصورة التي كتبها صاحبه، بعد ذلك يبدأ في إعداده للطباعة والنشر، وهذا يسمى بعملية الإخراج؛ فإخراج المخطوط يعني إعداده للطباعة والنشر بحيث يخرج في صورة جيدة تتيح للقارئ الاطلاع عليه، والانتفاع بمادته العلمية في يسر وسهولة، ورغم أن عملية الإخراج تعد من المكملات الحديثة إلا أنها من الأهمية بمكان، فكم من كتاب محقق ومنشور وينفر منه القراء، والسبب هو سوء الإخراج.
وفي الأزمنة السالفة كان الناشرون يدفعون بالمخطوط إلى المطبعة دونما أدنى اهتمام بإخراجه، ولم يكن يعنيهم سوى طبع أكبر عدد منه دون العناية بالنص ذاته، اللهم إلا من كان لديه قدر من الدقة والأمانة، ومن ثم أعيد إخراج وطبع عدد كبير من هذه الكتب بطريقة علمية صحيحة، بعد إخضاع الكتاب المطبوع لعدة إجراءات علمية دقيقة قبل نشره، وإذا كان الفضل يرجع للعرب في وضع الأسس العلمية للتحقيق والتوثيق فقد حازوا قصب السبق في هذا المجال؛ فإن فضل المستشرقين واضح في تأسيس المدرسة الطباعية الأولى للتحقيق والنشر، وقام العلامة الدكتور أحمد زكي باشا بدور الوساطة بين العرب والمستشرقين في هذا المجال، ونقل خبرتهم إلى البيئة العربية نقلًا أمينًا، وأفاد منه المتخصصون في هذا المجال فائدة كبرى. هناك خطوات تتبع قبل نشر المخطوط وإخراجه يسير عليها الباحثون ليخرج المخطوط على أفضل صورة، نشير إلى هذه الخطوات فيما يلي: