من أجل ذلك وجبت مراجعة النسخة التي كتبها المؤلف مهما كان ثقة؛ لأن سهوه وارد، ونضرب مثلًا لهذا بكتاب (المُغرب) لابن سعيد، فإنه نقل في ترجمة أبي حفص عمر بن الشهيد نصًّا، وقال: إنه اقتبسه من (الذخيرة) سهوًا، والصحيح أنه اقتبسه عن (جذوة المقتبس) للحميدي، وعلى المحقق الوقوف طويلًا أمام أسماء المؤلفين؛ حيث إن القدماء كانوا يخطئون أحيانًا فيها بسبب الاشتباه عليهم، ومن ثم يجب مراجعة الأسماء التي توضع على المخطوط بدقة. ومن صور الخطأ الوارد في الاسم أن الشهرستاني ذكر في أوائل كتابه (الملل والنحل) فلاسفة الإسلام الذين فسروا كتب الحكمة من اليونانية إلى العربية، وذكر من بينهم أبا حامد أحمد بن محمد الإسفزاري، وهو من إسفزار، بلدة بين هراة وسجستان، واشتبه الأمر على بعض العلماء، فجزم بأن الإسفزاري المذكور هو الإسفراييني، لاشتراكهما في الاسم، والكنية، واسم الأب، واقتراب الإسفزاري في الصورة الخطية من الإسفراييني، فلينتبه المحقق إلى مثل هذا التشابه.
من الأمور التي تتصل بتحقيق المتن أيضًا: تخريج النصوص، أي ردها إلى مصادرها التي تشهد بصحتها وتؤيدها، وهذا أمر مهم في مجال التحقيق، ولا ينبغي للباحث أن يهمله أو يغفل عنه بأي حال من الأحوال، والنصوص التي ينبغي تخريجها في المخطوط المراد تحقيقه كثيرة ومتنوعة، وفي مقدمتها القرآن الكريم، ولا يصح أن يثق المحقق بحفظه لكتاب الله عز وجل عند تخريجه لآيات كتاب الله الحكيم؛ فإن آياته تتشابه، وكثيرًا ما يحدث فيها السهو والخلط لدى بعض المؤلفين أو النساخ، يستعين الباحث في تخريج النصوص القرآنية بالمصحف، أو ببعض المعاجم الخاصة بألفاظ القرآن الكريم، وهذه