معنى قولهم: الصحفي والتصحيف، فقد قال الخليل: إن الصحفي الذي يروي الخطأ عن قراءة الصحف بأشباه الحروف، وقال غيره: أصل هذا أن قوما كانوا قد أخذوا العلم عن الصحف من غير أن يلقوا فيه العلماء، فكان يقع فيما يروونه التغيير والتبديل، فيقال عنده: قد صحفوا، أي رددوه عن الصحف وهم مصحفون، والمصدر التصحيف". وانطلاقا من هذا رأينا العلماء يشددون في ضرورة الأخذ والتلقي والمشافهة، وعدم الاعتماد على الصحف في تلقي العلم، وقد مدحوا من يأخذ العلم من أفواه العلماء وذموا من يأخذه من الصحف؛ لمظنة الوقوع في التصحيف، فيقول الشاعر:
من يأخذ العلم عن شيخ مشافهة ... يكن عن الزيف والتصحيف في حرم
ومن يكن آخذا للعلم عن صحف ... فعلمه عند أهل العلم كالعدم
ويقول أبو نواس في رثاء خلف الأحمر:
أودى جماع العلم مذ أودى خلف ... راوية لا يجتني من الصحف
يعني: هو كان راوية لا يأخذ من الصحف وإنما يتلقى مشافهة من العلماء. وهجا شاعر أبا حاتم السجستاني بضد ذلك فقال:
إذا أسند القوم أخبارهم ... فإسناده الصحف والهاجس
هناك أخبار كثيرة لدى الشعراء، ولدى غير الشعراء تكشف عن أن التصحيف هو الأخذ من الصحف، ولم يتلق صاحبه العلم مشافهة من أفواه العلماء. وأما التحريف فإنه أنواع قد يكون بإبدال حرف مكان حرف، وقد يكون بزيادة كلام في النص الذي كتبه المؤلف، وغالبا ما تقع الزيادة من قبل النساخ والقراء، ونضرب مثالا لذلك، لابن المعتز كتاب يسمى (فصول التماثيل) هذا الكتاب له