بلفظة أخطئوا في إعجامها، وشكلها أي بسبب لفظة قال الله تعالى في الإنجيل لعيسى -عليه السلام: أنت نبيي ولدتك من البتول، فصحفوها وقالوا: أنت بنيي ولدتك من البتول". وتعالى الله سبحانه علوا كبيرا.
وكذلك ما روي عن الخليفة سليمان بن عبد الملك وكان غيورا على الحرم، فقيل له: إن المخنثين قد أفسدوا النساء في المدينة، فكتب سليمان بن عبد الملك إلى قاضي المدينة وواليها أبي بكر بن حزم أن احص مَن قِبلك من المخنثين، فصحف كاتبه وكتب أن اخص بدل أن احص، كتبها بالخاء المعجمة مكان الحاء المهملة، وابن جُعْدُبة هو راوي هذا الخبر، فدعاهم فخصاهم. وقد عرف العلماء التصحيف والتحريف بتعريفات شتى، فبعضهم جعلهما مترادفين، وبعضهم فرق بينهما في الدلالة، عرف الجاحظ التصحيف بأنه يكون من وجوه من التخفيف ومن التثقيل، ومن قِبل الإعراب أيضا ومن تشابه صور الحروف.
الحسن بن عبد الله العسكري استخدم التصحيف عند الخطأ في النقط والرسم أو فيهما معا، أو الخطأ في الرسم والشكل معا، واستخدم مصطلح التحريف للدلالة على الخطأ في بناء الكلمة أو شكلها، استخدم مصطلح التغيير والتبديل كبديل للتحريف، واستخدم مصطلحات أخرى كثيرة كالقلب والغلط والوهم إلى آخر تلك المصطلحات التي وردت عنه. وكان للشعراء أيضا رأي في هذه القضية. يقول أبو نواس في هجاء أبان اللاحقي:
صحفت أمك إذ سمتك في المهد أبانا
سيرت باء مكان التاء تصحيفا عيانا
قد علمنا ما أرادت لم ترد إلا أتانا