غيره في ذلك مهما بلغ قدر غيره من العلم والثقة، لابد أن يقدر النص القرآني، وينبغي له أن يتحقق ويضبط النص القرآني، ينظر فيه إلى عدة اعتبارات، ومن ثم لا يكفي أن نرجع إلى المصحف المتداول، بل لابد من الرجوع إلى كتب القراءات، كتب القراءات السبع، ثم العشر، ثم الأربع عشر، ثم كتب القراءات الشاذة، وكتب التفسير يرجع إلى التي تهتم بالقراءات كتفسير القرطبي، وأبي حيان وغيرهما.
وإذا كان الخطأ الوارد في النص القرآني من جهة الرسم أو الضبط، فلا يتسرع المحقق في ضبطه، وعليه أن يتأكد إذا ما كان المؤلف يعرب أو يكتب على حسب قراءة معينة، فعلى المحقق أن يحافظ على ما قاله حينئذ، ربما يكون كتب الآية على حسب قراءات من القراءات المعترف بها والمشهورة، فلابد أن يرجع إلى مثل هذه الكتب للتأكد من هذه الآيات. ويرى بعض العلماء إبقاء النص القرآني المحرف كما هو في صلب المتن التزاما بمبدأ الأمانة العلمية في نقل النص؛ إذ تقتضي الأمانة أن يؤديه كما وقع في المؤلَّف، والمسألة فيها خلاف قديم بسطه ابن كثير في كتابه (اختصار علوم الحديث) حيث قال: "وأما إذا لحن الشيخ فالصواب أن يرويه السامع على الصواب، وهو محكي عن الأوزاعي وابن المبارك والجمهور، وحكي عن محمد بن سيرين، وأبي معمر عبد الله بن سخبرة أنهما قالا: يرويه كما سمعه من الشيخ منحولا.
قال ابن الصلاح: وهذا غلو في مذهب اتباع اللفظ، وعن القاضي عياض أن الذي استمر عليه عمل أكثر الأشياخ أن ينقلوا الرواية كما وصلت إليهم، ولا يغيروها في كتبهم، حتى في أحرف من القرآن الكريم استمرت الرواية فيها على خلاف التلاوة، ومن غير أن يجيء ذلك في الشواذ كما وقع في الصحيحين