أيضا "رودل فيجير" الألماني، ونشر ديوان الأعشى الكبير، والأعشيين الآخرين، في كتاب سماه (الصبح المنير في شعر أبي بصير) وقيل: إنه استخدم في نشر شعر هؤلاء أكثر من خمسمائة مصدر عربي مطبوع، وطبع كتابه في لندن سنة ثمان وعشرين وتسعمائة وألف، وكثير من المستشرقين غير هؤلاء تركوا بصمات في مجال التحقيق، وأفاد منهم العرب.

أما عن جهود العرب في هذا العصر فإنها ذات شقين؛ الشق الأول: ما قام به العلماء الأجلاء من تحقيق ونشر لكنوز من تراثنا، مقتفين آثار أجدادهم في عصورهم العلمية المزدهرة، وناظرين إلى الأصول والقواعد التي وضعها علماء الغرب في هذا المجال، يعني أخذوا من الطريقتين: الطريقة العربية القديمة والطريقة الغربية الحديثة، وأفادوا في هذا المجال. أما الشق الثاني من تلك الجهود: فيتمثل في مجموعة من المؤلفات والكتابات الحديثة، التي أصل فيها أصحابها لقضية التحقيق والتوثيق وعالجوها من شتى جوانبها، يعني هذا شق تأصيلي تنظيري، وضعوا الأصول والقوانين والمقاييس التي ينبغي للمحقق أن يلتزمها ويسير عليها.

أما بالنسبة للشق الأول -وهو الذي قام به العلماء في إخراج كثير من الكتب يعني: قاموا بالتحقيق الفعلي لمجموعة من الكتب- تطالعنا أسماء أعلام كان لهم باع طويل، وفضل لا ينسى في مجال تحقيق التراث ونشره، أذكر منهم: العلامة أحمد زكي باشا الذي حقق كتابي (أنساب الخيل)، و (الأصنام) لابن الكلبي، وهو يعد بحق شيخ المحققين في العصر الحديث. ومنهم أيضا الشيخ العلامة محمود محمد شاكر، وحقق مجموعة من كتب التراث منها على سبيل المثال (دلائل الإعجاز) لعبد القاهر، (طبقات فحول الشعراء) لابن سلام الجمحي، (الحماسة الصغرى)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015