بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الرابع عشر
(خطوات البحث الأدبي (4))
الحمد لله، الذي خلق الإنسان وعلمه البيان والصلاة والسلام على سيدنا محمد خير خلق الله أجمعين، وعلى آله وصحبه؛ وبعد:
فالخطوة الأخيرة من خطوات البحث الأدبي هي: صياغة البحث:
وصياغة البحث: هي المرحلة النهائية التي يسجل فيها الباحث جميع الخطوات التي قام بها أثناء بحثه، وهي الصورة التي يقدمها الباحث للقارئ، ولجنة المناقشة، ويعرض من خلالها فكره، وصياغة البحث تعني: تصنيف المادة العلمية المجموعة، ووضعها في مكانها داخل البحث والربط بينها، ومناقشتها للوصول إلى حقيقة علمية مؤيدة بالبراهين أو الحجج. وتعد صياغة البحث أهم ركيزة من ركائزه التي لا يتم إلا بها، وعليها يتوقف نجاح الباحث أو فشله، فقد يكون الموضوع جيدا، والخطة متقنة منظمة، ويحيط الباحث بمصادر البحث إحاطة تامة، ويجيد استنباط المادة العلمية منها، ثم يأتي عند صياغة البحث، ويضع الكلام في غير موضعه، أو لا يحسن الربط بين العبارات والفقر، ويشوه الأسلوب، فيفسد ما صنع، وتضطرب الفكرة، وينهار البحث في النهاية. ومثل الباحث الفطن مثل البناء الماهر، يتأمل المواد الأولية، فيختار منها أجودها، ويجيد توظيفها، ثم يعمد على المواد الأقل جودة فيحولها إلى مواد جيدة صالحة بفضل مهارته، وبراعة فنه. ومثل الباحث الغفل مثل البناء غير الماهر، عندما توضع أمامه المواد الخام الجيدة، فلا يحسن استخدامها، أو استغلالها، بل يحولها إلى بناء مشوه لا قيمة له، وليست فيه لمسة جمالية رغم جودة المادة الخام التي استخدمها.
وصياغة البحث -أيها الباحث- ليست مجرد حشد للمعلومات المجموعة من المصادر والمراجع في مكان ما، أو أماكن متفرقة من بحثك؛ لكي تسد بها فراغا، لكنها عملية فنية وفكرية معقدة؛ إذ من خلالها تبدو شخصية الباحث، ونتعرف على قدراته