بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الثالث عشر
(خطوات البحث الأدبي (3))
الحمد لله، الذي خلق الإنسان وعلمه البيان والصلاة والسلام على سيدنا محمد خير خلق الله أجمعين، وعلى آله وصحبه؛ وبعد:
فلقد حدد الباحث مصادره ومراجعه التي سوف يستعين بها في إعداد بحثه، هذه خطوة لا بد أن نفصل بين هذه الخطوة وبين خطوة تحديد المصادر ومعرفة أماكنها، وتسجيل كل البيانات التي تتعلق بها هذه الخطوة مستقلة، أما استقراء المراجع والمصادر، واستنباط المادة العلمية منها هي حديثنا اليوم.
الباحث العلمي لا يبدأ من الصفر، وإنما يبدأ من حيث انتهى الآخرون، وطريق ذلك هو الاستقراء، والاستنباط، والإحاطة بالمعلومات الجزئية والكلية المطروحة في ثنايا المصادر والمراجع.
والقراءة والاستنباط أداتان مهمتان من أدوات البحث العلمي، وهما يحتاجان إلى استعداد خاص، ليس كل باحث يستطيع أن يقرأ ويستنبط؛ هذه مهارة يحتاج إلى خبرة ومران وتدريب. فالاستنباط يحتاج إلى فطنة وخبرة، والقراءة فن وعلم ومهارة لا بد من إجادتها، الباحث الذي لا يجيد القراءة، ولا يحسن الاستنباط يفقد أهم أدوات البحث العلمي، هذا أمر بدهي؛ لأن الغرض من قراءة المصادر والمراجع استخلاص النصوص، أو العلل، أو الآراء المستكنة بين سطور هذه المصادر، وليس استخلاصها فحسب، ولكن توظيف هذه النصوص في أماكنها داخل البحث بطريقة علمية جيدة، حسبما تقتضيه الفكرة أو الموضوع. فقد يقيس عليها مثلًا، أو يناقشها، أو يدعم بها أفكاره، أو يقارن بينها فكل الناس يقرءون، ولكن كلهم لا يصلح أن يكون باحثًا أدبيًا؛ لأنهم لا يملكون المهارة اللازمة للباحث بالنسبة للقراءة والاستنباط، فقراءة المصادر لاستنباط المادة العلمية منها ليست