ولابد أن يكون عنده صدر رحب، يكون فيه فسحة تسمح له بتملي ألوان التجارب الشعورية، كما يتطلب وجود خبرة لغوية وفنية، وموهبة خاصة في التعامل مع النص، واستعداد جديد لتقبل الأنماط الجديدة.
عندما يسلك الباحث المنهج الفني، فإنه يعتمد على الأصول الفنية للعمل الأدبي، يدرسها دراسة تحليلية جيدة، معتمدا على الملاحظة الدقيقة، والاستقصاء التام، فيدرس العاطفة، ويكشف عن طبيعتها، وقوتها، وصدقها، يقف أمام الصورة الفنية، فيوضح بناءها الفني، ومدى التواؤم بينها وبين العاطفة، ودلالة هذه الصورة على نفسية الأديب، ثم يتناول الأسلوب، وما يتألف منه من ألفاظ، وتراكيب، وإيقاع، ودلالة ذلك كله الدلالة الذاتية، والدلالة الموضوعية، والدلالة البيئية، من خلال ما تحمله من إيحاءات، الصورة لها إيحاء، واللفظة لها إيحاء، والإيقاع له إيحاء، قد يكون الإيقاع له إيحاء ذاتي، وقد يكون له إيحاء موضوعي يتصل بالموضوع نفسه، قد يكون الإيحاء بيئي، وكذا اللفظ، وكل الصور.
كما يكشف أيضا عن الانسجام بين العاطفة والأسلوب، ويتناول الأفكار والمعاني، فيوضح دقتها، وعمقها، ومناسبتها للموضوع، إلى آخر هذه الأشياء التي لابد للباحث على منهج فني أن يتعامل معها ويتناولها. من خلال تناوله لهذه العناصر يمكنه أن يكشف عن البيئة، وعن الجانب النفسي لدى المبدع، كما يمكنه أن يكشف عن القيم الجمالية الموجودة في العمل الأدبي، بمعنى: أنه يمكنه من خلال ذلك الجمع بين عدة مناهج في وقت واحد، وقد ولد المنهج الفني، ونشأ في ظل الأدب العربي، المنهج الفني الذي يمكننا إلى التوصل إلى منهج متكامل نشأ في بيئة عربية خاصة، فقد فطن علماؤنا الأجلاء في مراحل مبكرة من