يتداخل مع المنهج النفسي، وهكذا لا يمكن أن نضع حدود فاصلة بين المناهج. فمن حق الباحث أن يستخدم في بحثه أكثر من منهج، طالما أن ذلك سيوصله إلى نتائج دقيقة.

ولو تأملنا طبيعة الأدب وعناصر العمل الأدبي؛ لتأكد لنا أنه يحتاج إلى أكثر من منهج للكشف عن حقائقه. ولا يستطيع منهج واحد أن يكشف عن تلك الحقائق وتجليتها؛ فالعمل الأدبي نتاج نفس إنسانية، وبمقدار ما تحمله تلك النفس من أسرار، وما يشكلها من مؤثرات خارجية، يكون ذلك العمل الأدبي.

فالعمل الأدبي يموج بالحياة من داخلها موجان النفس البشرية، وإن كان في نظر البسطاء مجرد كلام ينقل لنا فكرًا المبدع، ويصور أحاسيسه، ويترك فينا لونا من المتعة. هذه صورته التي نراها، ولكن لو فتشنا في حقيقته، لو حللناه لرأينا أنه عمل مركب، ويحمل عدة دلالات مختلفة من شأن الباحث الفطن الكشف عنها، ففيه دلالة على شخصية الأديب، ونفسيته، وفكره، ولغته، وفيه صورة للعصر والبيئة، بالإضافة إلى ما يحمله من مجموعة الخصائص الفنية التي اتحدت، وكونت ذلك البناء الفني.

ومثل الباحث الأدبي كمثل الغواص يجوب أعماق البحار؛ ليكشف عن أسرارها، ويصور لنا الحياة بداخلها. إذا كانت تلك هي طبيعة العمل الفني، وهذه هي طبيعة الباحث فيه، فليس من اللائق أن يسلك الباحث منهجا جزئيا في بحثه؛ يكشف له عن جانب واحد من جوانب متعددة؛ لأنه لن يصل من خلاله إلى نتائج كاملة صحيحة، يمكننا أن نعدها حكمًا صادقًا على العمل وصاحبه، هذا لا يليق بأي حال من الأحوال، وقد اتضح لنا من خلال حديثنا عن المناهج البحثية في العصر الحديث أن لكل منهج عيوبه التي تقدح فيه، وتجعله قاصرًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015